كشف تجسس ضخم لصالح روسيا يثير ضجة في النمسا
يبدو أن مدينة فيينا، التي كانت معروفة بكونها مركزًا لأنشطة التجسس خلال فترة الحرب الباردة، لم تفقد سمعتها رغم انتهاء تلك الفترة، حيث كشفت تقارير عن تورط عميل سابق في المخابرات النمساوية في تقديم معلومات سرية لصالح المخابرات الروسية، بما في ذلك معلومات سياسية واقتصادية وأمنية حساسة.
وفقًا لصحيفة لوموند، فإن إيغيستو أوت باع معلومات سرية من قواعد بيانات غربية لصالح الجهات الروسية، بما في ذلك معلومات عن كريستو جروزيف، الصحفي البلغاري الذي يعمل لصالح موقع “بيلينغكات”.
تقارير أخرى أشارت إلى أن أوت كان يزود الجهات الروسية بمعلومات حساسة، مما ساهم في اكتشافات موقع “بيلينغكات” بشأن حالات التسمم بغاز “نوفيتشوك”، التي يُشتبه في أن جهاز المخابرات الروسي يقف وراءها، بما في ذلك حادثة محاولة اغتيال العميل السابق سيرغي سكريبال في عام 2018 في المملكة المتحدة.
وبعد الاعتراف بأن هذه القضية تشكل “مشكلة تتعلق بالأمن القومي”، أعلن المستشار النمساوي كارل نيهامر عن تشديد التشريعات المحلية المتساهلة في مجال مكافحة التجسس.
على الرغم من الادعاءات، فإن الأمر لا يزال محل خلاف حيث برأت المحاكم أوت من تهمة بيع معلومات سرية، وأُعيد تعيينه في منصب جديد بوزارة الداخلية النمساوية، في حين يُشتبه في استمرار نشاطاته السرية لصالح روسيا.
وفيما يبدو أن أوت كان يقدم معلومات للجهات الروسية على مدى سنوات، فإن الفضيحة الأخيرة دفعت السلطات النمساوية إلى إعادة النظر في سياساتها المتعلقة بمكافحة التجسس، مما دفع الأحزاب السياسية إلى دعم تشديد العقوبات وتوسيع نطاق الأنشطة المحظورة، خاصة في ظل اقتراب الانتخابات التشريعية في سبتمبر المقبل.
ومع ذلك، تحذر صحيفة لوموند من أن هذه الخطوات قد تصبح مجرد محاولات للتغطية على الثغرات الأمنية دون التركيز الكافي على فهم جذور المشكلة. يُشير التقرير إلى أن العميل السابق أوت لم يكن وحده في نشاطاته، بل كان يتعاون مع جهات أخرى، بما في ذلك المدير السابق لشركة “واركارد”، وهو مواطن نمساوي اختفى بعد إفلاس الشركة واستمر في أنشطته المشبوهة من الخارج.
ويُشير التقرير أيضًا إلى علاقة هؤلاء الأفراد بحزب الحرية النمساوي، الذي يُعتبر مؤيدًا للاتجاهات الروسية، مما يثير مخاوف بشأن تأثيرات الأجندات السياسية على الجهود الأمنية ومكافحة التجسس.
بالتالي، يجب على السلطات النمساوية العمل على تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة التجسس وضمان شفافية ونزاهة العمل السياسي، بغية حماية الأمن القومي والحفاظ على سيادة البلاد واستقرارها في وجه التحديات الأمنية المتنوعة.