تونس : أحكام قاسية تصل لـ66 سنة.. القضاء التونسي يصدر أحكاماً تاريخية بحق معارضين بارزين بتهمة “التآمر على أمن الدولة”

في تطور مُلفت يُعمّق الجدل حول الحريات السياسية في تونس، أصدر القضاء التونسي، أمس الجمعة 19 أبريل 2025، أحكاماً نافذة تراوحت بين 13 و66 سنة سجناً ضد قرابة 40 متهماً، بينهم وجوه معارضة بارزة، في قضية اتهامات بـ”التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”، وهي محاكمة وُصفت من قبل مدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية بأنها “مسيّسة” .
أبرز الأسماء المحكومة: صفوة المعارضة وخلفية القضية
ضمت قائمة المحكومين أسماء لامعة في المشهد السياسي التونسي، أبرزها:
- عصام الشابي، زعيم الحزب الجمهوري، أحد أبرز الأصوات المناهضة لسياسات الرئيس قيس سعيد.
- جوهر بن مبارك، المؤسس المشارك لجبهة الخلاص الوطني (أكبر تكتل معارض حالياً).
- عبد الحميد الجلاصي، الرئيس السابق لحزب النهضة الإسلامي، الذي شهد الحزب تصفيةً منهجية منذ 2023.
- الناشطان الحقوقيان خيام التركي وشيماء عيسى (المحتجَزة منذ 2024)، ورجل الأعمال كمال اللطيف، إضافة إلى معارضين آخرين يُقيمون في المنفى.
ووفق مصادر فإن المحكمة جزّأت الأحكام وفقاً لـ”درجة التورط المزعوم”، حيث تلقت الشخصيات القيادية أقصى العقوبات، فيما نُظر إلى الأحكام الأقل (13-20 سنة) على أنها تستهدف الناشطين والمغردين.
جدل قانوني وانقسام سياسي: “مهزلة قضائية” أم “ضربة للإرهاب”؟
اندلعت موجة غضب عقب النطق بالأحكام، حيث هاجم محامو الدفاع الإجراءات ووصفوها بـ”المنحازة”. وقالت المحامية سامية عبو، عضو هيئة الدفاع، في تصريح اافت وجريئ:
“هناك انتهاك صارخ لأبسط ضمانات المحاكمة العادلة.. لم يُستمع لمرافعات المتهمين، ولم تُفحص الأدلة، بل تم تكييف الوقائع بشكل فضفاض لخدمة ملف اتهامي هش”.
من جهتها، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الأحكام بأنها “استمرار لسياسة القمع المنهجي منذ انقلاب 2021″، مشيرةً إلى أن المحاكمة “جرت دون ضمانات قانونية، وفي سياق تصفية حساب مع كل الأصوات الناقدة”.
في المقابل، دافعت النيابة العامة التونسية عن القرار، مؤكدة في بيان أن “المحاكمة استندت إلى أدلة دامغة على تورط المتهمين في مخططات لزعزعة الاستقرار بالتعاون مع جهات خارجية”، دون الكشف عن تفاصيل هذه “الأدلة”.
خلفية القضية:
تعود أصول القضية إلى فبراير 2023، عندما أطلقت السلطات حملة اعتقالات واسعة شملت عشرات الناشطين والساسة بتهمة “التواطؤ مع جهات أجنبية” (في إشارة إلى دول خليجية وأوروبية حسب مصادر محلية). وتزامنت الحملة مع تصاعد الاحتجاجات ضد السياسات الاقتصادية للرئيس سعيد، والتي فُسرت على أنها محاولة لإسكات المعارضة.
تداعيات محتملة:
يرى مراقبون أن هذه الأحكام قد تُغلق الباب نهائياً على أي حوار وطني في تونس، وتدفع بجزء من المعارضة إلى العمل السري أو المنفى، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية حادة وانقساماً سياسياً غير مسبوق منذ عهد بن علي.
ملاحظة محرر: تُعتبر هذه الأحكام الأعلى من نوعها منذ عقود في قضايا سياسية بتونس، مما يضعها في مصاف الأنظمة الأمنية الصارمة، وفق تعليقات غاضبة على منصات التواصل من نشطاء تونسيين ودوليين.