اقتصاد

أزمة الطاقة في باكستان: احتياطيات هائلة من النفط والغاز تواجه تحديات أمنية واستثمارية

تواجه باكستان أزمة طاقة متفاقمة رغم اكتشاف احتياطيات ضخمة من النفط والغاز التي قد تغير مستقبل البلاد الاقتصادي. لكن التحديات الأمنية وعدم الاستقرار، إلى جانب التكاليف العالية، تشكل عوائق أمام استقطاب الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة واستخراج هذه الموارد.

وأشار الكاتب أليكس كيماني في تقرير على موقع “أويل برايس” إلى أن جهود التنقيب الطويلة أسفرت عن اكتشاف احتياطيات كبيرة من النفط والغاز في المياه الإقليمية لباكستان، وهو اكتشاف يمكن أن يغير المسار الاقتصادي للبلاد. ومع ذلك، لم تقدم أي شركة حتى الآن على استخراج هذه الموارد.

وأوضح محمد عارف، العضو السابق في هيئة تنظيم النفط والغاز الباكستانية، أنه إذا تم استغلال احتياطيات الغاز، قد يتم الاستغناء عن واردات الغاز الطبيعي المسال، في حين أن استغلال احتياطيات النفط يمكن أن يقلل من الاعتماد على النفط المستورد. إلا أن عارف حذر من أن الاستفادة من هذه الاحتياطيات ستستغرق سنوات، مع الحاجة إلى استثمارات ضخمة تصل إلى أكثر من 5 مليارات دولار للتنقيب فقط، في حين قد يستغرق استخراج الاحتياطيات من موقع بحري واحد ما بين 4 إلى 5 سنوات.

تعتمد باكستان بشكل كبير على واردات الطاقة، حيث تستورد 29% من احتياجاتها من الغاز، و85% من النفط، و50% من غاز البترول المسال، و20% من الفحم. وقد بلغت فاتورة استيراد الطاقة في 2023 نحو 17.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 31 مليار دولار خلال السنوات السبع المقبلة.

وتعاني البلاد منذ 2021 من ارتفاع الديون والتضخم الذي تجاوز 30%، في حين نما الاقتصاد بنسبة 2.4% فقط في 2023. وقد دفع هذا الوضع باكستان إلى الاعتماد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.

ووفقًا لوزير الطاقة الباكستاني محمد علي، تمتلك البلاد 235 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز، ويحتاج استخراج 10% فقط من تلك الاحتياطيات إلى استثمارات تتراوح بين 25 و30 مليار دولار خلال العقد المقبل، لتعزيز إنتاج الغاز واستبدال الواردات.

على الرغم من تلك الإمكانات، لم تلقَ جهود التنقيب والصفقات في قطاع الطاقة اهتمامًا كبيرًا من الشركات العالمية. فقد أعلنت شركة “شل” العام الماضي عن بيع حصتها في باكستان إلى “أرامكو” السعودية، كما لم تجد مزادات قطاع النفط والغاز استجابة كافية.

من جهة أخرى، أشار وزير البترول الباكستاني مصدق مالك إلى أن التكاليف الأمنية هي السبب الرئيسي وراء تردد الشركات في الاستثمار، حيث تضطر هذه الشركات إلى إنفاق مبالغ كبيرة لحماية موظفيها وأصولها.

وقد شهدت باكستان هجمات إرهابية على مشاريع الطاقة، منها مقتل 5 مهندسين صينيين في هجوم في شمال البلاد خلال مشروع سد “داسو”. كما استهدف مسلحون منشآت صينية في إقليم بلوشستان.

وخلص التقرير إلى أن باكستان أمام خيارين، إما اللجوء إلى التعاون مع الصين أو مواجهة الفشل في استغلال مواردها. فالصينيون يظهرون شهية أكبر للمخاطرة، في حين يبدو أن “أرامكو” لم تبدي رغبة كبيرة في المساهمة حتى الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى