مع تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة للمرة الثانية، تواجه القارة الأفريقية واقعاً جديداً يتسم بالتحديات الجيوسياسية والتحولات الكبرى. في هذا الإطار، يقدم السفير السنغالي المتقاعد، الشيخ نيانغ، تحليلاً معمقاً حول تأثير عودة ترامب على العلاقات الأمريكية-الأفريقية.
عودة معقدة في سياق عالمي مضطرب
يرى نيانغ أن عودة ترامب ليست مجرد حدث سياسي داخلي، بل إنها ظاهرة متعددة الأبعاد يمكن أن تعيد تشكيل الأولويات الجيواستراتيجية والاقتصادية على المستوى العالمي. وبالنظر إلى فترة حكمه السابقة، يؤكد أن إفريقيا كانت غالباً على هامش اهتمامات الإدارة الأمريكية، حيث تم التعامل مع قضايا القارة بمنطق نَفعي يركز على الصفقات أكثر من الشراكات طويلة الأمد.
نهج قائم على المعاملات: الفرصة والتحدي
يتوقع نيانغ استمرار ترامب في اتباع نهج براغماتي قائم على الصفقات، مما يعمق التفاوت في العلاقات بين الولايات المتحدة والقارة الأفريقية. ويضيف: “من المرجح أن ينظر ترامب إلى أفريقيا من زاوية الربحية، ما قد يؤدي إلى تجاهل الأولويات التنموية للقارة مقابل المصالح الأمريكية المباشرة”.
الاستقلال الاقتصادي: ضرورة استراتيجية
وفي مواجهة هذه التحديات، يدعو السفير السنغالي إلى إعادة التفكير في النهج الأفريقي. يقول نيانغ: “أفريقيا بحاجة إلى استثمار حقيقي في سيادتها الاقتصادية. الاكتفاء الذاتي يجب أن يتحول إلى أولوية استراتيجية، بعيداً عن التبعية التقليدية للقوى الخارجية”. ويركز على أهمية تطوير صناعات محلية قوية، واستغلال الثروات الطبيعية بفعالية، وتحقيق استقلال مالي وطاقة يضمنان للقارة موقعاً متقدماً في النظام العالمي.
السياق الجيوسياسي المتغير
في ظل منافسة متزايدة بين الصين وروسيا على النفوذ في أفريقيا، يحذر نيانغ من أن إدارة ترامب قد تتبنى نهجاً أكثر عزلة، مما يُضعف فرص التعاون مع القارة. ويضيف أن هذه الديناميكيات تستدعي موقفاً أفريقياً أكثر قوة واستقلالية. “أفريقيا لم تعد مجرد رقعة هامشية على خريطة القوى العالمية. يجب أن تصبح لاعباً رئيسياً على رقعة الشطرنج الدولية”، يقول نيانغ بحزم.
رؤية للمستقبل
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ليست مجرد خبر سياسي، بل هي نقطة تحول قد تعيد تشكيل التوازنات العالمية. بالنسبة لأفريقيا، يمثل هذا الوضع فرصة لإعادة تعريف مكانتها، ولكن ذلك يتطلب رؤية استراتيجية تركز على تحقيق استقلال حقيقي وشراكات متوازنة. وكما يشير السفير السنغالي، فإن اللحظة الحالية ليست فقط لحظة تحدٍ، بل فرصة لأفريقيا لتأخذ مكانها المستحق في قلب النظام العالمي الجديد.