أندريه تروشيف: الشخصية الجديدة المرشحة من قبل بوتين لقيادة مجموعة “فاغنر”


في الثامن من يونيو/حزيران الماضي، سارت سيدة روسية تُدعى ألينا من مدينة “نوريلسك” الواقعة في “كراسنويارسك كراي” شمالي روسيا، نحو أقرب مركز لتعويضات مجموعة “فاغنر” في “نوفوسيبيرسك”. جاء ذلك بعد أن أكدت المجموعة لها أن شقيقها لقى حتفه خلال مشاركته في النزاع العسكري الروسي الأوكراني الجاري.
وترتقب السيدة ألينا في طابور طويل أمام مقر مخصص من قبل “فاغنر” لتعويض ذوي المقاتلين. بعد ثماني ساعات من الانتظار، استلمت معاشًا تقاعديًا لستة أشهر بقيمة 660 ألف روبل (حوالي 8050 دولار أمريكي)، بالإضافة إلى 100 ألف روبل (حوالي 1220 دولار أمريكي) كتكاليف جنازة. وحصلت أيضًا على خمسة ملايين روبل كتعويض عن وفاة شقيقها (أكثر من 60 ألف دولار أمريكي).
عادت السيدة الروسية إلى منزلها محملة بالأموال والوثائق الرسمية التي تحمل توقيع مدير رابطة بطرسبورغ لحماية قدامى المحاربين في الحروب المحلية والمقاتلين في النزاعات العسكرية، أندريه تروشيف، والمعروف أيضًا بلقب “بطل الاتحاد الروسي”. ولاحظت ألينا أن اسم أندريه تروشيف طُرح مؤخرًا كبديل محتمل لقيادة مجموعة “فاغنر”، بدلاً من قائدها السابق الذي شن تمردًا قصيرًا تهديدًا للكرملين، يفغيني بريغوزين. يُشير الآن التوافق على استمراره في القيادة إلى تداول الشكوك، بعد أن توصل إلى اتفاق مع الرئيس بوتين يقضي بانسحابه من الساحة والاستقرار في بيلاروسيا. على الرغم من ذلك، هناك دلائل على زيارته لروسيا مؤخرًا.
نهاية بائع نقانق
جذب احتفال يوم “أبطال الوطن” الذي نظمه الكرملين في التاسع من ديسمبر/كانون الأول عام 2016 اهتمامًا كبيرًا. حيث اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع أربعة جنرالات سابقين في قاعة “جورجيفسكي” بقصر الكرملين الكبير. من بين هؤلاء الجنرالات، “ديمتري أوتكين” مؤسس مجموعة “فاغنر”، و”أندريه تروشيف” رئيس تنفيذي المجموعة، “أندريه بوغاتوف” قائد سرية الهجوم، وألكسندر كوزنيتسوف القيادي في المجموعة. وخلال هذا الحدث، قام الرئيس بوتين بتكريم هؤلاء الجنرالات بوسام المجد، وهو أعلى وسام في روسيا ويمنح لأبطال الاتحاد الروسي.
تمثل هذه الصورة لقاءً للرئيس بوتين مع جنرالات “فاغنر”، لكنها لم تكن كاملة. لم يظهر فيها “يفغيني بريغوجين”، الطباخ السابق لبوتين، الذي كان يُعَدُّ من الشخصيات المقربة من الكرملين والذي نجح في الصعود إلى مراتب مرموقة في سلم الهرم السلطوي بدءًا من تسعينيات القرن الماضي بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. كان بريغوجين يشتهر بعلاقاته الوطيدة وقدرته على إقامة علاقات مع الشخصيات البارزة، وتحت حماية الكرملين أصبح أحد المقربين منه. في يونيو/حزيران الماضي، شن بريغوجين تمردًا قصيرًا ضد الجيش الروسي واتهمه بمقتل مقاتلين من “فاغنر” في أوكرانيا، وطالب باستقالة وزير الدفاع “سيرجي شويغو” ورئيس الأركان “فاليري جيراسيموف”. لكنه فيما بعد سحب تهديداته وقواته بفضل جهود الوساطة من الزعيم البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.
في ظل اهتمام العالم بتطورات الأوضاع في روسيا بسبب تمرد زعيم “فاغنر” الذي شكل تهديدًا للبلاد، أُعلن عن لقاء بين بوتين وبريغوجين و35 قائدًا آخرين في “فاغنر”. خلال هذا الاجتماع، عبّر الرئيس الروسي عن غضبه من بريغوجين واتهمه بالخيانة، مما دفعه للوعد بتطبيق عقوبات .
الاجتماع الثاني من نوعه بين بوتين وقادة مجموعة “فاغنر” كان له تأثير كبير وتجلّى وضوحًا في وسائل الإعلام. أثبت هذا الاجتماع التشابك الوثيق الذي كان موجودًا بين فرقاء رجال بوتين ورجال “يفغيني بريغوجين”. قبل هذا الاجتماع بأيام، اعترف بوتين لأول مرة علنًا بدور مجموعة “فاغنر” في تحقيق أهداف السياسة الخارجية الروسية وتعزيز نفوذها عالميًا، مؤكدًا أنها كانت تتلقى تمويلًا من الحكومة الروسية. كما أبدى استعداده لتقديم وضع قانوني جديد للمجموعة، مما سيعزز من تدخل السلطات الروسية في شؤونها.
لم تتوقف نتائج هذا الاجتماع عند التوبيخ والتهديد فقط، بل أخبر بوتين قادة “فاغنر” عن قراره تعيين “أندريه تروشيف” رئيسًا للمجموعة. تروشيف، المعروف باسم “Sedoy” أو “الرأس الرمادي”، كان حاضرًا منذ تأسيس المجموعة وله دور بارز فيها. أكد بوتين أن هذا التغيير لن يؤثر على طبيعة العمل والهيكلية الداخلية للمجموعة. في هذا السياق، أشار بوتين إلى أن جميع أفراد مجموعة “فاغنر” يمكنهم أن يتجمعوا في مكان واحد ويستمروا في أداء مهامهم كالمعتاد، لأن الشخص الذي كان قائدهم الفعلي طوال هذه الفترة سيظل هو من يقودهم.