رأي آخر

أهمية الحوار السياسي في تحقيق التقدم الوطني وتعزيز الاستقرار في موريتانيا


يشهد المشهد السياسي الموريتاني حراكًا متزايدًا وزخمًا غير مسبوق منذ إعلان رئيس الجمهورية دعوته الشاملة للحوار السياسي، والذي أكد فيه على ضرورة ألا يُقصى أي طرف، وألا يُستثنى أي موضوع. هذا التوجه يدل على الرغبة في إرساء حوار عميق وشامل يُعزز الحقوق الأساسية ويكرّس مبادئ الديمقراطية، كما نص عليها الدستور والقوانين العضوية، خاصة تلك المتعلقة بالأحزاب السياسية.

الحوار السياسي: ضرورة وطنية لا غنى عنها

الحوار السياسي ليس مجرد نقاش بين أطراف، بل هو آلية فعالة لتقوية الجبهة الداخلية وتعزيز مكاسب الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والفصل بين المال والسياسة، إضافة إلى مكافحة الفساد. إنه السبيل الأنجع لكسب رهان التنمية الاقتصادية عبر نموذج تنموي جديد يُركّز على تنويع الاقتصاد وتحفيز المبادرات الفردية.

الدكتور الوزير السابق اختار الشيباني أشار بدقة إلى أن الحوار السياسي لا يمكن أن يُبنى بشكل صحيح ما لم تُحدَّد أطرافه بدقة. ويُعد هذا أحد الشروط الجوهرية لنجاح أي حوار سياسي، إلى جانب ضرورة تحديد جدول أعمال واضح، واحترام إرادة الشعب، والالتزام بتنفيذ مخرجات الحوار، على أن يكون الحوار عملية مستمرة وشاملة لجميع القضايا دون تأجيل.

مقومات الحوار السياسي البنّاء

لكي يُحقق الحوار السياسي أهدافه، يجب أن يقوم على مجموعة من الأسس والمعايير، منها:

  1. حسن الإصغاء والاحترام المتبادل: حيث يجب أن يتحدث طرف وينصت الآخر، لضمان تنظيم الحوار وتجنب الفوضى.
  2. عدم التمسك بالرأي لمجرد العناد: من المهم أن يكون الهدف هو التوصل إلى حلول، وليس الانتصار في النقاش.
  3. الاستناد إلى الأدلة والشواهد: خصوصًا في القضايا السياسية أو الاقتصادية المعقدة.

مراحل الحوار السياسي: من التحضير إلى التطبيق

يمر الحوار السياسي بعدة مراحل رئيسية، لكل منها أهمية خاصة:

  • مرحلة التحضير: تُعد المرحلة الأهم، حيث يتم تحديد أهداف الحوار، وتشكيل لجنة تحضيرية تمثل مختلف الأطياف السياسية. هذه اللجنة تُعنى بوضع معايير المشاركة، وتحديد آليات اتخاذ القرار لضمان التوازن وعدم سيطرة طرف معين على مجريات الحوار.
  • العملية الحوارية: يتم خلالها طرح القضايا بدءًا من الأقل جدلية وصولاً إلى القضايا الشائكة، لتفادي الانهيار المبكر للحوار. يجب أن تسود الشفافية وتُتاح المعلومات للإعلام لبناء الثقة مع الشعب.
  • تنفيذ المخرجات: ما يُميز الحوار الفعّال هو التزام كافة الأطراف بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، ضمن خطة زمنية واضحة ومتابعة مستمرة.

شروط نجاح الحوار السياسي في موريتانيا

  1. تحديد الأطراف المشاركة.
  2. وضع جدول أعمال متفق عليه.
  3. مراعاة تطلعات الشعب وتوجهاته.
  4. الالتزام الصارم بتطبيق نتائج الحوار.
  5. جعل الحوار آلية مستمرة وليس حدثًا عابرًا.
  6. وضع حلول مسبقة لأي خلافات محتملة.

خاتمة: نحو مستقبل سياسي مشرق

الحوار السياسي هو حجر الزاوية لأي عملية تحول ديمقراطي حقيقي. من خلال تبادل الآراء والأفكار البناءة، يمكن للمجتمع الموريتاني أن يخطو خطوات جادة نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا. ومن خلال التخطيط المسبق والتحضير الجيد وتوفير أرضية ملائمة، يمكن للحوار أن يكون أداة فعالة للوصول إلى قرارات وطنية رشيدة، تُسهم في رفع مكانة البلاد وتعزيز وحدتها الوطنية.


؟

زر الذهاب إلى الأعلى