أوكرانيا تقر ميزانية 2025 وسط تحديات مالية وحرب مستمرة
في ظل استمرار الحرب للسنة الثالثة على التوالي، أقر البرلمان الأوكراني ميزانية الدولة لعام 2025، والتي صادق عليها الرئيس فولوديمير زيلينسكي بعد نقاشات طويلة استمرت أكثر من شهرين. ورغم التصديق عليها، تواجه الميزانية عجزًا قدره نحو 39 مليار دولار من أصل 94 مليار دولار، أي ما يعادل 41% من إجمالي الموازنة، دون ضمانات واضحة لدعم دولي لسد هذا العجز في العام المقبل، وفقًا للمراقبين.
أولوية الدفاع
على الرغم من أن حجم الميزانية يوازي تقريبًا ما خصص لعام 2024، فقد تم تخصيص 61% من الموازنة لقطاعي الدفاع والأمن، أي ما يعادل حوالي 54 مليار دولار، بزيادة قدرها 8 مليارات دولار مقارنة بالعامين السابقين. وتشمل هذه الحصة تمويل القوات العسكرية، وشراء الأسلحة والطائرات المسيرة والمعدات العسكرية الأخرى، على حساب قطاعات أخرى مثل الرعاية الاجتماعية، التي تم تقليص ميزانيتها من 11.4 مليار دولار إلى 10 مليارات.
كما يتضمن مشروع الميزانية إجراءات تقشفية تشمل:
- إعادة النظر في نظام المعاشات التقاعدية، الذي يستهلك نحو 1.8 مليار دولار سنويًا.
- تقليص برنامج المعونات الحكومية – الذي يقدر بمليار دولار – ليشمل نحو 400 ألف شخص فقط.
تطمينات حكومية
عقب المصادقة على الميزانية، سارع المسؤولون إلى تهدئة المواطنين، مؤكدين أن العام المقبل سيشهد استقرارًا ماليًا بفضل دعم السلطات التنفيذية والشركاء الدوليين. وقال رئيس الوزراء دينيس شميهال إن الحكومة واثقة من أن السنة المالية المقبلة ستسير بثبات بفضل الدعم القوي من حلفاء أوكرانيا، في إشارة إلى دعم الدول الغربية وصندوق النقد الدولي.
مؤشرات سلبية على الاقتصاد
على الرغم من التفاؤل الحكومي، هناك العديد من المؤشرات السلبية التي قد تؤثر على الأداء المالي والاقتصادي في 2025. أبرز هذه المؤشرات:
- غياب التوقعات بنهاية الحرب في العام المقبل، مما يبرر العديد من الإجراءات التي تهدف إلى حماية البلاد من المخاطر الاقتصادية.
- تراجع قيمة العملة المحلية (هريفنيا) أمام الدولار إلى 45.0، مع احتمال استمرار هذا التراجع إذا استمرت الحرب.
- توقع زيادة التضخم بنسبة 9.5% بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام، والأجور، وتعريفات الخدمات، في ظل انخفاض تدريجي لقيمة العملة.
الآراء المتشائمة
من جهة أخرى، يرى بعض الخبراء أن أوكرانيا قد تواجه أسوأ سنة مالية في تاريخها الحديث، نظراً للتحديات الكبيرة التي تواجهها، مثل تراجع قطاع الطاقة الذي يحتاج إلى إصلاحات مكلفة، كما أن الميزانية لم تأخذ هذه الواقع في الاعتبار بشكل كامل. ويشير الخبراء إلى أن زيادة متوسط الدخل المتوقع قد تكون غير كافية، حيث أن فرض ضرائب جديدة قد يضغط على الاقتصاد بشكل أكبر.
التقشف والخيارات المحدودة
في مواجهة هذه التحديات، أصبحت الخيارات المالية أمام كييف محدودة، وقد بدأت الحكومة في اتخاذ إجراءات تقشفية. يتوقع الخبراء أن يشهد العام المقبل استمرار الدعم المالي الدولي، ولكن سيكون هذا الدعم موجهًا بشكل أساسي نحو الأولويات الحكومية، مثل الدفاع وإصلاح البنية التحتية، مما قد يحد من المساعدات الموجهة إلى القطاعات الأخرى.
وفي الختام، تشير التوقعات إلى أن أوكرانيا ستكون أمام عام صعب من التقشف المالي، مع اعتماد كبير على المساعدات الدولية والدعم المستمر من حلفائها.