تكنولوجيا

إعلانات “فلاتر الوقود” تتحايل على سياسات ميتا وتثير جدلاً قانونياً

كشف تقرير نشره موقع “وايرد” عن انتشار آلاف الإعلانات على منصتي فيسبوك وإنستغرام، تروّج لمنتجات “فلاتر الوقود” من خلال مقاطع فيديو توضح كيفية تعديلها بسهولة لتحويلها إلى كواتم صوت للأسلحة. هذه الممارسة قد تؤدي إلى اتهامات جنائية في حال عدم الحصول على ترخيص فدرالي.

ورغم أن سياسة شركة “ميتا” تحظر الترويج لكواتم الصوت، إلا أن هذه الإعلانات ظلت تُعرض لسنوات عبر شبكة واسعة تضم أكثر من 100 صفحة على فيسبوك. وتؤكد التقارير أن فلاتر الوقود، التي تُباع بأقل من 50 دولارًا، يمكن تعديلها بسهولة لاستخدامها ككاتم صوت للأسلحة.

ضوابط قانونية صارمة
تخضع كواتم الصوت، أو ما يُعرف بـ”سوبريسور” (suppressor)، لضوابط قانونية مشددة وفقًا للقانون الفدرالي الأميركي، حيث يتطلب شراؤها تقديم بصمات الأصابع، واجتياز فحص أمني دقيق، ودفع رسوم إلى مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات (ATF). كما يُسمح للأفراد بصناعة كواتم الصوت بشكل قانوني شريطة تسجيلها لدى المكتب، وهو ما لا تذكره الإعلانات المتداولة، مما قد يعرّض المشترين لمخاطر قانونية دون علمهم.

في أحد الإعلانات، يظهر رجل وهو يقول: “أنت تعرف تلك الأشياء التي ليست كواتم صوت، رغم أنها تبدو كذلك، ولكنها لا تحتوي على فتحة في الطرف الآخر، مما يتيح لك امتلاكها قانونيًا دون الحاجة إلى إجراءات الترخيص”. هذه الطريقة في الترويج تُستخدم لخداع خوارزميات ميتا، إذ غالبًا ما تعيد الإعلانات نفس السيناريوهات مستعينة بمحتوى من يوتيوب، قد يكون صانعوه غير مدركين لإمكانية استغلالهم.

أحد الإعلانات أظهر كاتم صوت يحمل علامة “بلاك كولار أرمز” (Black Collar Arms)، وهي شركة أسلحة نارية معروفة، إلا أن مالكها جيريمي ماكسوريلي نفى أي صلة بالإعلان، موضحًا أن اللقطات المستخدمة مأخوذة من مقاطع فيديو نشرها سابقًا على يوتيوب، مؤكدًا أن المنتج الذي ظهر في الإعلان صُنع بشكل قانوني وفقًا للوائح مكتب ATF.

شبكة إعلانية دولية مشبوهة
وفقًا لتحليل شمل أكثر من 2800 إعلان، تبيّن أن جميعها ترتبط بشبكة من مئات المواقع الإلكترونية التي تبيع المنتجات نفسها، بما في ذلك فلاتر الوقود المعدلة. ويعتقد الخبراء أن هذه العمليات تُدار من الصين وتعتمد على نموذج الشحن المباشر.

ويقول زاك إدواردز، الباحث في شركة الأمن السيبراني “سايلنت بوش” (Silent Push)، إن شركات إعادة الشحن تلعب دورًا رئيسيًا في هذا الترويج، حيث تشتري المنتجات من تجار تجزئة عبر الإنترنت وتعيد تعبئتها وشحنها للعملاء، مستغلة المزايا التي تتيحها منصات التواصل الاجتماعي للوصول إلى فئات مستهدفة بعناية.

موقف ميتا والتحديات التي تواجهها
رغم أن “ميتا” تحظر الإعلانات التي تروّج للأسلحة وكواتم الصوت، إلا أن نظامها الآلي لم يتمكن من التصدي لها بفاعلية. فقد أزالت الشركة 74 حملة إعلانية على الأقل، لكن هذا الرقم لا يزال ضئيلًا مقارنةً بانتشار الإعلانات عبر منصاتها.

وقال المتحدث باسم “ميتا”، دانيال روبرتس، إن المحتالين يطورون أساليبهم باستمرار للتهرب من الرقابة، مضيفًا أن الشركة تستثمر في أدوات وتقنيات متقدمة لرصد وإزالة المحتوى المحظور. وأشار إلى أن العديد من هذه الإعلانات لم تحظَ بتفاعل كبير، لكن بعضها تلقى آلاف التعليقات، منها اتهامات بأنها “فخ” من تدبير مكتب ATF، وشكاوى من مشترين لم تصلهم المنتجات، وأخرى من أشخاص يؤكدون فعالية المنتجات كما هو معلن عنها.

مخاوف من استهداف الجيش الأميركي
أثارت هذه الإعلانات قلق وزارة الدفاع الأميركية بعد أن أظهر عرض تقديمي أن إعلان “فلاتر الوقود” ظهر لمستخدمين داخل البنتاغون، مما دفع بعض الخبراء للتحذير من إمكانية استغلال خوارزميات ميتا للوصول إلى العسكريين. ورغم نفي ميتا وجود أدلة على استهداف الجيش، فإن أدواتها الإعلانية تتيح للمعلنين استهداف المستخدمين الذين يدرجون وظائفهم على أنها ضمن القوات المسلحة، وهو جمهور يُقدَّر بحوالي 46 ألف شخص.

تصاعد استخدام كواتم الصوت في الجرائم
رغم أن كواتم الصوت لم تكن تُستخدم بكثرة في الجرائم سابقًا، إلا أن الأوضاع تغيّرت، حيث سُجلت نحو 5 ملايين حالة في الولايات المتحدة عام 2024، مقارنة بـ1.3 مليون حالة فقط في 2017.

وفي واقعة بارزة الشهر الماضي، أفادت تقارير بأن مهندس البرمجيات لويجي مانجيوني (26 عامًا) استخدم مسدسًا مطبوعًا بتقنية ثلاثية الأبعاد ومزوّدًا بكاتم صوت لاغتيال براين طومسون، الرئيس التنفيذي لشركة “يونايتد هيلث كير” (UnitedHealthcare)، في أحد شوارع مانهاتن.

هذا التصاعد في استخدام كواتم الصوت يشكل تحديًا إضافيًا للجهات الرقابية، ويطرح تساؤلات حول فعالية سياسات منصات التواصل الاجتماعي في منع الترويج غير القانوني لهذه المنتجات.

زر الذهاب إلى الأعلى