ثقافة

إلى جميع أبناء الجمهورية الإسلامية الموريتانية

الكاتب :محمد عبد الله محمدن

في هذه العجالة سأتناول بعض القضايا الهامة التي أرى أن المواطن الموريتاني يحتاج تقديم مجموعة من النصائح بشأنها ،ليس لأنه مغفل لايفهم الأشياء أو مكابر يتعالى على الحقائق .ش

نتفق جميعا على بعض الثوابت التي تجمعنا كمجتمع مسلم 100% أننا أمة واحدة يجمعها الإسلام بما يحمل من قيم دينية وأخلاقية صالحة لكل زمان ومكان ،ويكفينا فخرا أن ديننا لايختلف أثنان على صحته ومصداقيته لأنه مأخوذ من القرٱن الكريم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ومن السنة النبوية المطهرة .

هذه الحقائق والمسلمات التي انطلقت منه تشكل أرضية صلبة جامعة لشعبنا وأمتنا على قيم العدل والخير والمحبة .

لذلك نحتاج تمثلها وترجمتها على أرض الواقع لننعم بها أفرادا وجماعات .

فأبناء البلد الواحد تربطهم وشائج القربى والمصالح المشتركة التي تعزز العلاقات بينهم سبيلا لخدمة ذالك البلد وجعله في خدمة الجميع بدون تمييز سعيا لبناء الأمة الموريتانية ونهضتها لتصل مصاف الأمم المتحضرة التي سعت لتغيير أوضاعها إلى الأفضل ،وقد كان لها ما أرادت .

إن شعبنا للأسف الشديد يعطل العديد من المواهب العقلية والإنسانية التي يمتلكها جريا وراء أغراض ذاتية هزيلة لاتمت لمصلحة البلد من قريب ولا بعيد دون أن يستشعر الخطر الداهم والعواقب الوخيمة لهكذا تصرفات لاتتماشى ومنطق دولة المؤسسات التي نتوق إليها جميعا .

لقد استقلت بلادنا منذ أزيد من نصف قرن من الزمن وورثنا عديد المسلكيات الهدامة من المستعمر ،ولاتزال تلك المسلكيات سائرة بيننا وألفناها حتى النخاع !

من تلك العقليات المنافية لبناء الدولة تغول القبيلة على حساب الدولة الحديثة الحاضنة والضامنة للسير المضطرد لكافة المؤسسات الوطنية مهما كانت التحديات ،حتى صارت غالبية التعيينات تمنح على ذالك الأساس فتحكمت في جوهر الدولة شخصيات لاصلة لها بالثقافة أوالكفاءة ،فاختلت الموازين وشاعت الرشوة والجهوية والمحسوبية والزبونية المقيتة في مفاصل الدولة ،واستحكمت فكان المصير المحتوم هو الخراب وتضاعفت الهجرات الشبابية إلى العالم بحثا عن ملاذ ٱمن للطامحين لعيش كريم بعيدا عن شبح البطالة المؤدية للمجاعة والأمراض القاتلة الناتجة عن سوء التغذية وتزوير الأدوية التي يتبارى في إدخالها أدعياء الوطنية الذين لايهمهم سوى الربح على حساب حياة المواطن البريئ الذي لا حيلة له سوى الإستسلام في عالم طغت المادة فيه على كل شيئ.

إن هذه الأمراض التي أشرت إليها تحتاج تنظيم ورشات عديدة جادة وصارمة من قبل السلطات العليا في البلد لكل المواطنين البالغين سن الرشد وإقناعهم بأن الدولة فوق الجميع ،وليست بقرة حلوب تستغل وقت الحاجة ،بل هي كيان مسؤول عن مصالح شعب بأكمله ولها الحق في تنظيم الأمور ووضعها على معايير واضحة للجميع .

فعلى الدولة الإبقاء على النظام القبلي الإيجابي وليس السلبي ،وترفض بشكل نهائي تحكم شيوخ القبائل في مصير الشعب ومصالحه .

ولن يكون ذالك إلا إذا دشنت حملة محاسبة جادة لأكلة المال العام و وضعهم في السجون ومحاسبتهم حتى يعيدوا للأمة ما سرقوا منها على غرة ، وفي هذا المنحى أنوه هنا بالتوجيهات السامية التي قدمها رئيس الجمهورية :محمد ولد الشيخ الغزواني مؤخرا للأمناء العامون خلال إجتماعه بهم ،لما أوصاهم خير ا بالمال العام وحسن تسييره وتدبيره وخلق قطيعة نهائية مع الفساد السابق المعشش في جميع القطاعات العمومية وعلية القوم المستفيدون صامتون عن ذالك بل يبررونه في أحايين كثيرة متجاهلين أن الله جل وعلا قال :(إن الله لا يهدي كيد الخا ئنين ).

أعتقد جازما أن الحل يكمن في إصلاح مسار التربية والتعليم في بلادنا ،فالتعليم هو الحل الأمثل لإنتشال وطننا من الضياع والفساد الرهيب الذي أتى على الأخضر واليابس .

المتتبع لواقعنا يتفاجأ من شعب بأسره يهدم وطنه بشتى أنواع معاول الهدم الإقتصادي عبر نفخ الفواتير وتزوير الحسابات ومنح صفقات التراضي على علاقات ضيقة وربما تكون مشبوهة إمعانا في الفساد والإفساد لمسيرة أمة عرفت بالعلم والأخلاق والكرم والمسالمة والصدق والنزاهة في مسيرتها الأولى التي قادها أجدادنا الكرام حاملين رسالة الإسلام إلى ربوع العالم منطلقين من شنقيط وولاته وتشيت ووادان يحملون السلام والأمل لشعوب الأرض.

على المواطن مهما كان مستواه العلمي أن يفهم أن الوطن غال وأنه جزء منه يفرح بفرحه ويحزن بحزنه ،وحينها سيبدأ يتحسس قيمة الوطن التي لا تقاس بشيئ في دنيانا الفانية .

ومن حب الوطن السعي له في السر والعلن ومقارعة أعدائه داخليا و خارجيا والتضحية لصالحه وبذل الغالي والنفيس من أجله ،وهو بهذا جدير لأنه تركتنا التي ورثناها عن ٱبائنا وعلينا المحافظة عليه سلما وحربا لاقدر الله .

وقبل إنهاء هذه العجالة أود التنبيه ألى أن موريتانيا تحتاج فريقا سياسيا متناغما ومستعدا لخدمة البلد كمبدأ وعقيدة راسخة ،وبعدها يتم تحديد المنطلقات ورسم الأهداف والغايات في جلساته الأولى .

ثم يتحرك هذا الفريق في إتجاه ثلاثة محاور هي بالترتيب ،التعليم والصحة والحرص على تسيير المال العام بشكل شفاف لامواربة فيه ،وذالك بتعزيز دور المؤسسات الرقابية الحقيقية وليست الوهمية، وتفعيل محاكمة المفسدين بشكل دائم بعيدا عن تسييس الملفات ذات الصلة والضرب بيد من حديد على يد أكلة المال العام الذين خربوا هذا البلد وجعلوه خاويا على عروشه.

فلابد من الصرامة في كل هذه الملفات واليقظة حتى تنطلق قافلة البناء على أسس سليمة وجادة ،فالمجتمع يعشق تمييع المشاريع العمومية الجادة وبمرور الوقت يلتف على جوهر الإصلاحات ،وهذا شيئ معروف لدى غالبية الشعب .

والنقطة الثالثة هي تنظيم الجيش ليصبح جيشا جمهوريا همه الأوحد هو المحافظة على أمن الوطن وسلامته ،ولايطمح للسياسة ومطباتها ،وإمداده بكل وسائل القوة .

في الواقع لايزال الكثير من الأفكار التي نطمح لرؤيتها مجسدة على أرض الواقع خدمة لموريتانيا الأبية العزيزة ،وسنتناولها لاحقا في ملفات قادمة .

الكاتب :محمد عبد الله محمدن

زر الذهاب إلى الأعلى