إنجاز علمي: تصوير نمو بلورات الكوليسترول لأول مرة يفتح آفاقًا جديدة لعلاج أمراض القلب

تمكن باحثان من جامعة هيوستن الأميركية من تحقيق اختراق علمي غير مسبوق، عبر تصوير عملية تشكل بلورات الكوليسترول للمرة الأولى بطريقة تحاكي الظروف داخل جسم الإنسان. وقد يوفر هذا الاكتشاف رؤى جديدة تُمهد لتطوير علاجات فعّالة لأمراض عديدة يتسبب بها تراكم الكوليسترول، مثل أمراض القلب وتصلب الشرايين وحصوات المرارة.
ونشر العالمان الدكتور جيفري ريمر والدكتور بيتر فيكيلوف، أستاذَا الهندسة الكيميائية، نتائج دراستهما المصحوبة بمقاطع فيديو توثق لحظات تشكل بلورات الكوليسترول، في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS) بتاريخ 3 مارس/آذار. كما سلط موقع “يوريك أليرت” الضوء على هذه الدراسة الرائدة.
بلورات الكوليسترول: مئة عام من الغموض
رغم أن وجود بلورات الكوليسترول -وهو جزيء دهني أساسي يوجد بكثرة في خلايا الثدييات– تم توثيقه في الأنسجة منذ أكثر من قرن، فإن فهم آلية تشكل هذه البلورات ظل محدودًا. وتكمن أهمية هذا البحث في كونه يسلط الضوء على مراحل التكوين الدقيقة لهذه البلورات، والتي تلعب دورًا حاسمًا في تطور العديد من الأمراض، مثل احتشاء عضلة القلب وتصلب الشرايين، حيث تؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية أو القنوات الصفراوية.
تقنية محاكاة الجسم: خطوة نحو العلاج
اعتمد الفريق البحثي على تقنية متقدمة لمحاكاة البيئة الفسيولوجية داخل الجسم باستخدام مذيب خاص مكوّن من مزيج الماء والأيزوبروبانول، الذي يعمل كبديل بسيط للدهون. هذا الوسط الكيميائي وفّر ظروفًا مثالية لرؤية نمو بلورات الكوليسترول أحادية الهيدرات، وهي الصيغة الأكثر شيوعًا داخل الجسم الحي.
وأشار الدكتور فيكيلوف إلى أن البلورات تنمو عبر عملية تقليدية تبدأ بتكوين نواة، تليها تشكل طبقات بلورية جديدة تنتشر على سطح البلورة وتلتحم لاحقًا، مما يشكل كتلة متماسكة تنمو تدريجيًا.
نتائج واعدة: نحو تطوير أدوية موجهة
وأظهرت الصور الزمنية التي التقطها الفريق أن البلورات تنمو في طبقات واضحة، وأن هذه الطبقات تتوسع بشكل جانبي قبل أن تندمج مع طبقات أخرى. كما تبيّن أن جزيئات الكوليسترول الصغيرة (المونومرات) لا تندمج مباشرة من المحلول، بل بعد أن تنتشر على سطح البلورة، في خطوة متقدمة من مراحل النمو.
وقال الدكتور ريمر إن “هذه الرؤى تتيح تصميم مواد علاجية مستقبلية تستهدف سطح بلورات الكوليسترول مباشرة، مما قد يعيق نموها ويحد من ترسبها في الجسم”، مشيرًا إلى أن ذلك يمهد الطريق لاكتشاف أدوية جديدة تعالج الأمراض المرتبطة بالكوليسترول بطريقة أكثر دقة وفعالية.
نحو مستقبل علاجي جديد
تمثل هذه الدراسة قفزة نوعية في فهم الطريقة التي يتبلور بها الكوليسترول داخل الجسم، وهو ما يمكن أن يسهم بشكل مباشر في تطوير علاجات مبتكرة لأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها من الأمراض المرتبطة بترسب الدهون.
ويؤكد الباحثان أن ما تم التوصل إليه لا يُعدّ نهاية الطريق، بل بداية لمرحلة جديدة من الأبحاث المتقدمة التي قد تُحدث ثورة في أساليب الوقاية والعلاج من أمراض الكوليسترول.