اقتصاد

إيران تواجه أزمة طاقة حادة رغم ثرواتها النفطية بسبب نقص الوقود والعقوبات

ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” أن انقطاعات الكهرباء المتكررة في إيران، بسبب نقص حاد في الوقود، تكشف عن هشاشة الاقتصاد الإيراني رغم ثروته النفطية الكبيرة، كما تعكس تأثيرات سنوات من نقص الاستثمارات وضعف الإدارة.

وأوضحت الصحيفة أن إيران، التي تمتلك ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم وثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي، تشهد أزمة طاقة خانقة رغم هذه الثروات، حيث أصبح انقطاع الكهرباء اليومي لمدة ساعتين جزءًا من الواقع المؤلم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وبداية فصل الشتاء القاسي.

وأشارت وزارة الطاقة الإيرانية إلى أن السبب وراء الانقطاعات يعود إلى زيادة مفاجئة في الطلب على الغاز بسبب الشتاء ونقص الوقود، بالإضافة إلى توقف حرق زيت الوقود الثقيل في ثلاث محطات كهرباء لتقليل التلوث. ومع ذلك، فإن الأزمة تتجاوز تأثير العقوبات الأميركية، حيث أن سنوات من الإهمال وسوء إدارة الموارد أدت إلى تفاقم الوضع.

وأضافت الصحيفة أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أشار في سبتمبر الماضي إلى أن الحكومة تواجه عجزًا ماليًا كبيرًا مما اضطرها لاستخدام صندوق التنمية الوطني، وهو صندوق ثروة سيادي كان من المفترض أن يضمن استدامة العائدات النفطية للأجيال المقبلة. وقال بزشكيان: “نواجه صعوبة في دفع الرواتب بينما نخصص مبالغ ضخمة لدعم استهلاك الطاقة المفرط دون أي مردود اقتصادي”.

وتعد إيران من بين الدول التي توفر أدنى أسعار للوقود عالميًا، حيث يباع لتر البنزين بأقل من 3 سنتات أميركية. وفي عام 2022، أنفقت الحكومة نحو 163 مليار دولار على دعم الطاقة، ما يعادل أكثر من 27% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لصندوق النقد الدولي. هذا الدعم الطويل الأمد خلق شعورًا لدى الإيرانيين بأنهم “يستحقون” الحصول على طاقة رخيصة، وفقًا للصحيفة.

وتعليقًا على ذلك، قال سعيد ميرتورابي، خبير الطاقة، للصحيفة: “ظلَّت أسعار الوقود في إيران ثابتة لفترة طويلة، مما أدى إلى فجوة هائلة بين الأسعار المدعومة والأسعار الحقيقية”.

وتشير الصحيفة إلى أن إيران تواجه عجزًا يوميًا قدره 20 مليون لتر من البنزين، في حين استوردت ما يقارب ملياري دولار من الوقود في العام الماضي. كما أن ملايين اللترات يتم تهريبها يوميًا إلى الدول المجاورة مثل باكستان وأفغانستان للاستفادة من الفارق بين الأسعار المدعومة وأسعار السوق.

أما قطاع الكهرباء، فيواجه عجزًا قدره 17 ألف ميغاوات نتيجة لتقادم المحطات وغياب التجديد، حيث أشار مرتضى بهروزيفار، المحلل في مجال الطاقة، إلى أن إيران فشلت في تطوير قدرتها الإنتاجية بما يتناسب مع مواردها الطبيعية. وأضاف أن العقوبات الدولية قد قلصت قدرة البلاد على الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة لتحديث المصافي ومحطات الطاقة.

وتأتي هذه الأزمة في وقت حساس إستراتيجي، حيث تشهد إيران تصاعدًا في النزاعات الإقليمية والدولية، بما في ذلك التوترات مع إسرائيل.

وفي محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، بدأت الحكومة لأول مرة بيع بنزين عالي الجودة بأسعار غير مدعومة موجهة إلى الأثرياء الذين يمتلكون سيارات فاخرة، بالإضافة إلى تطبيق نظام تسعير تدريجي للطاقة لتقليل الاستهلاك المفرط من قبل الأسر الغنية. ومع ذلك، فإن رفع الأسعار يثير مخاوف من اندلاع احتجاجات مشابهة لتلك التي حدثت في 2019 بسبب زيادة مفاجئة في أسعار الوقود.

وتتوقع الصحيفة أن تتفاقم الأزمة في ظل توقعات بعجز يومي يصل إلى 260 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي خلال الشتاء، ما لم يتم اتخاذ خطوات جذرية لمعالجة الوضع.

زر الذهاب إلى الأعلى