الأسواق المالية تترقب قرار الصين بشأن سعر صرف اليوان وسط تصاعد التوترات التجارية

تتجه أنظار الأسواق المالية العالمية نحو قرار بنك الشعب الصيني بشأن سعر الصرف المرجعي لليوان، وسط توقعات بأن تلجأ بكين إلى إضعاف عملتها لمواجهة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً على صادراتها، وفقاً لتقرير نشرته “بلومبيرغ”.
اليوان تحت ضغط التعريفات الجمركية
من المتوقع أن يقوم بنك الشعب الصيني بتحديد سعر الصرف المرجعي لليوان عند مستوى أضعف من 7.2 لكل دولار، وفقاً لتقديرات مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية وبنك مالايا. وتشير التوقعات إلى أن هذا المستوى قد يتم كسره خلال الأسبوع الحالي، في خطوة تهدف إلى امتصاص التأثيرات السلبية للرسوم الجمركية الأميركية.
وتُظهر البيانات أن الدولار الأميركي ارتفع بشكل ملحوظ منذ فوز ترامب في الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مما أدى إلى تراجع قيمة اليوان، الأمر الذي دفع السلطات الصينية إلى التدخل عدة مرات للحفاظ على استقرار العملة.
توقعات بتراجع إضافي في قيمة اليوان
تتوقع مجموعة “غولدمان ساكس” أن يستمر انخفاض اليوان تدريجياً ليصل إلى مستوى 7.3 لكل دولار. وفي هذا السياق، قال خون غو، رئيس أبحاث آسيا في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية:
“تعديل قيمة اليوان أمر لا مفر منه، إذ يتوجب على العملة أن تلعب دوراً في امتصاص الصدمات لمواجهة تداعيات ارتفاع التعريفات الجمركية.”
وأضاف أن ضعف اليوان قد يؤثر على العملات الآسيوية الأخرى، وربما يؤدي إلى خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، مما سيزيد الضغوط على أصول المنطقة.
اليوان يسجل أدنى مستوياته منذ 2022
بعد إعلان ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات الصينية يوم السبت الماضي، تراجع اليوان بنسبة 0.7% ليصل إلى 7.3734، وهو أدنى مستوى له منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022. ومع ذلك، استعاد جزءاً من خسائره بعد أن أكد ترامب استمرار المحادثات مع بكين، مشيراً إلى أن الرسوم قد ترتفع إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وكان ترامب قد هدد خلال حملته الانتخابية بفرض تعريفات تصل إلى 60% على المنتجات الصينية، إلا أنه حتى الآن اكتفى بفرض 10% فقط، مما يمنح بكين بعض المرونة، لكنه في الوقت نفسه يعزز مخاوف الأسواق من تصاعد الحرب التجارية.
تحركات الصين بين التدرج ورد الفعل الحاد
من المنتظر أن تعلن الصين عن سعر الصرف المرجعي الجديد يوم الأربعاء، مع إعادة فتح الأسواق المالية بعد عطلة رأس السنة القمرية. وتسمح السلطات الصينية بتحرك اليوان بنسبة 2% صعوداً أو هبوطاً من السعر المرجعي الذي تحدده يومياً.
في هذا السياق، قالت فيونا ليم، كبيرة المحللين الإستراتيجيين في بنك مالايا:
“في الحرب التجارية السابقة، سمحت الصين بانخفاض اليوان بشكل تدريجي، ونتوقع أن يتكرر السيناريو ذاته هذه المرة.”
وفي الوقت الذي تتزايد فيه التوقعات بمزيد من التراجع في قيمة اليوان، يرى بعض المحللين أن بنك الشعب الصيني سيحاول ضبط الانخفاض لتجنب اتهامات ترامب بالتلاعب في العملة.
الأسواق في حالة ترقب
وأكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الصين لن تلجأ إلى التلاعب بسعر الصرف لمواجهة التعريفات الجمركية، مشيرة إلى أن بكين قد تعيد التأكيد على التزامها بعدم استخدام العملة كأداة تنافسية في الأسواق العالمية.
من جانبه، قال ألفين تان، محلل الأسواق في بنك “آر بي سي” الكندي:
“التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب ليست مدمرة تماماً، وبنك الشعب الصيني سيسعى إلى تهدئة الأسواق عبر تخفيض تدريجي وليس مفاجئاً لسعر الصرف.”
لكن رغم هذه الجهود، لا تزال المخاطر قائمة، حيث تتوقع “غولدمان ساكس” أن يصل اليوان إلى نطاق يتراوح بين 7.4 و7.5 خلال الأشهر المقبلة إذا استمرت الضغوط الاقتصادية، مما يعني مزيداً من التراجع بنسبة 3.4% مقارنة بإغلاقه الأخير عند 7.2535.