الألم والمغالبة.. مصائر المثقفين بعد 3 أشهر من مواجهات السودان
بين ألم التضحية ومغالبة الظروف، يتأرجح مصير المثقفين في السودان بعد مرور 3 أشهر على مواجهات دامية. تحمل هؤلاء المثقفون عبئًا ثقيلًا للتعبير عن الصوت المتأجج للشعب ودورهم الريادي في صياغة التغيير.
مواجهات السودان شهدت صراعات وانقسامات، وكان المثقفون على الخطوط الأمامية للتحركات الاحتجاجية. استخدموا قوة الكلمة والفكر للتعبير عن آمال وتطلعات المواطنين لنظام عادل وديمقراطي.
بالرغم من الألم الذي تسببت فيه هذه المواجهات وفقدان الأرواح، لا يزال المثقفون يستمرون في دعم الثورة وتحفيز النضال من أجل العدالة والتغيير الإيجابي. ومع ذلك، يجدون أنفسهم مغمورين بالمغالبة بسبب التحديات والتضحيات التي تطلبتها المعركة.
المثقفون يحاولون البقاء متفائلين وإيجاد سبل للتعبير عن رؤاهم بأمان وسلامة، في ظل القيود القائمة على حرية التعبير في بعض الأحيان. يعكفون على كتابة وتوثيق التجارب والمأسي التي شهدها السودان لتحقيق تغيير إيجابي في المستقبل.
على الرغم من الصعاب والتحديات، لا يزال دور المثقفين أساسيًا في بناء المجتمع وتحقيق التقدم. وإذا استمروا في الوقوف بجانب الشعب وتحمل مصاعب الطريق، فإنهم سيكونون العنصر الحيوي الذي يحمل بذور التغيير للسودان ومستقبله.
مثقفون ضمن قائمة المفقودين.. تعثر أقلامهم بعد ثلاثة أشهر من الأحداث في السودان
في ضحى السبت 15 أبريل/نيسان، انطلق الرصاص في العاصمة السودانية ولم يهدأ بعد. مع صوت الرصاصات الأولى، كان الكثيرون محاصرين في قلب الخرطوم، حيث تمكن بعضهم من الخروج بأمان، فيما علق آخرون بداخلها.
من بين العالقين كان الشاعر والباحث ميرغني ديشاب، الذي جاء من أقصى شمال السودان (مدينة وادي حلفا)، وقطع مسافة طويلة تبلغ 937 كيلومترًا شمال الخرطوم، لإقامة حفل تدشين كتابين جديدين صدرا له. ومع اندلاع الحرب، تغيرت كل تلك الخطط ووجد نفسه في فندق وسط الخرطوم على بُعد مئات الأمتار فقط من القصر الجمهوري، واحدة من أكثر المناطق تعرضًا للقتال. تمامًا في هذا التوقيت، تواصلت مواقع التواصل الاجتماعي بنداءات مناشدة لإنقاذه من الوضع الخطير داخل الفندق.
ديشاب شارك جزيرة نت قصته وكيف أمضى خمسة أيام بدون طعام حتى تمكن شاب محلي من إخراجه وتوفير العناية الطبية له بعد ذلك. قبل أن يتوجه إلى وسط السودان (مدينة ود مدني)، التي تبعد 186 كيلومترًا جنوب الخرطوم، ثم إلى وادي حلفا.
أما بالقرب من الفندق الذي كان فيه ديشاب، فقد علق الروائي والقاص أحمد أبو حازم في مركزه لمدة 8 أيام، حيث تم انقطاع شحن هاتفه بعد ساعات من بدء المواجهات، وتعذَّر عليه التواصل مع عائلته وأحبائه. واستمر أبو حازم في المركز، متعرضًا لنيران المتقاتلين، لكنه أظهر صبرًا وأملاً في النجاة. وقبل أن تقتحم قوة مسلحة المركز لائذة بالقصف، تم إنقاذه من الموقع ومن ثم جرى استجوابه واستجوابه مرارًا وتكرارًا لساعات طويلة، قبل أن يُسمَح له بالانتقال إلى منزل أحد الأصدقاء.
خلال فترات العالقين، حاصرت الهواجس قلوب ذويهم وجمهورهم، خاصة مع انقطاع التواصل ونفاد بطاريات هواتفهم، وعُثِر على أنباء تشير إلى وفاة بعض العالقين، ولكن الله سلم بعضهم ونجاة البعض الآخر.