ثقافة

الأنثروبولوجي تشارلز هيرشكيند: الاحتجاجات الطلابية فضحت اللوبي الإسرائيلي والحداثة الأميركية تدميرية

انطلقت الحرب الإسرائيلية على غزة برياح من النقد الداخلي للمنظومة الأخلاقية الحداثية الغربية، حيث اشتعلت الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية وانتقلت إلى الجامعات الأوروبية. لفهم هذه الديناميات، أجرت الجزيرة نت مقابلة مع الأستاذ تشارلز هيرشكيند، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، والذي يشتهر بأبحاثه في مجالات الأنثروبولوجيا الدينية والدراسات الإسلامية والسياسة الثقافية.

يعتبر هيرشكيند أن الاحتجاجات الطلابية ضد السياسات الإسرائيلية تجاه غزة تمثل نقطة تحول هامة للقضية الفلسطينية، وقد حظيت هذه الاحتجاجات بدعم من العديد من الجمعيات الأكاديمية الأميركية، مما أدى إلى توسيع قاعدة الدعم للقضية الفلسطينية بين الأكاديميين والشباب.

هيرشكيند يشدد على أهمية شجاعة الطلاب المحتجين ويعبر عن إعجابه بها، بينما يشير إلى الحملة الهائلة التي تشنها السياسة وإدارات الجامعات لتشويه صورتهم، ويرى أن هذه الجهود تهدف إلى تبرير العنف المفرط تجاه الطلاب المحتجين.

ويناقش هيرشكيند أيضًا مسألة خلط الانتقادات للصهيونية بمعاداة السامية، ويعتبر ذلك خطوة سياسية خطيرة في الولايات المتحدة، حيث يرى أن اللوبي الصهيوني يدافع عن هذا الخلط لتجريم أي نقد لإسرائيل.

ويختتم هيرشكيند بالتأكيد على استمرار السياسة الأميركية في جنوحها نحو الحرب، مما يؤدي إلى مزيد من الوفيات والدمار في غزة، ويعكس هذا السياق النموذج السياسي التدميري للولايات المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك، يتميز هيرشكيند بتقديره للتضحيات والجهود التي يقدمها الطلاب المحتجون في الجامعات الأميركية، في حين يؤكد على دفاع السياسة وإدارات الجامعات ومعظم وسائل الإعلام عن إسرائيل وجيشها في تدمير غزة.

بصفتي أستاذا جامعيا، أرى أن الاحتجاجات السلمية التي تقودها الطلاب في الجامعات ضد سياسة الولايات المتحدة تجاه غزة تمثل مظاهرة فعّالة للتضامن مع الفلسطينيين المتضررين. تعكس هذه الاحتجاجات إرادة الطلاب في التصدي للظلم والقمع، والتأكيد على القيم الإنسانية والأخلاقية.

إنني أعجب بتفاني وشجاعة الطلاب المحتجين، حيث واجهوا حملة واسعة ومكثفة لإسكاتهم وتجريمهم. بالرغم من ذلك، أبدوا إصرارًا قويًا على التمسك بموقفهم وتحقيق التغيير من خلال النضال السلمي.

من اللافت للنظر أن الطلاب رفضوا تصنيف الوضع في غزة كمجرد “صراع” أو “صراع على الأرض”، بل أصروا على وصفه بالإبادة الجماعية، مما يبرز مستوى الوعي والتفكير النقدي لديهم.

ومع ذلك، يثير استخدام مصطلح “معاداة السامية” كأداة لقمع المعارضة وتجريم الانتقادات لسياسة إسرائيل تساؤلات مهمة حول حرية التعبير والتنوع الفكري في المجتمع الأميركي. إن ربط النقد الشرعي لسياسات حكومة إسرائيل بمعاداة السامية يمكن أن يكون ضارًا بالنقاش العام ويقيد حرية التعبير.

لذلك، ينبغي على المجتمع الجامعي أن يكون مكانًا للحوار المفتوح وتبادل الآراء، ويجب أن يحترم جميع الآراء بغض النظر عن اتجاهها السياسي. إن قمع الاحتجاجات السلمية وتجريم النقد الشرعي يمكن أن يؤدي إلى تقويض القيم الديمقراطية التي تقوم عليها الولايات المتحدة.

النظام الرقابي الجديد يستهدف حاليًا منتقدي إسرائيل فقط، حيث يتم تهديدهم بالتعقيب القانوني أو التشويه السياسي. ومع ذلك، يظهر النظام الجديد وجود دعم سياسي واسع في واشنطن لاستخدام السلطة السياسية لقمع المعارضة لسياسة إسرائيل في الإبادة الجماعية.

يتم تشجيع وتهنئة الشرطة من قبل السياسيين وإدارات الجامعات ووسائل الإعلام على ضرب أعضاء هيئة التدريس والطلاب الجامعيين الذين يشاركون في احتجاجات سلمية، مما يشير إلى انزياح نحو الفاشية.

في الوقت الحالي، يُعتبر التعامل مع الدول الحديثة على أنها متغيرة ومعقدة، وتختلف باختلاف القوة التي تمتلكها، مما يجعل من الصعب التحدث بشكل عام عن طبيعتها. وبدلاً من ذلك، يُمكن التحدث عن الغرب كمشروع سياسي يدعمه القوة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية الأميركية، والتي تظهر انحيازًا مستمرًا نحو الحرب.

التدخل العسكري الأميركي في مناطق مثل العراق وأفغانستان يتسبب غالبًا في وفيات جماعية للمدنيين وتدمير للبنية التحتية المدنية، مما يظهر أن الصناعات والتكنولوجيات الحربية تشكل الجزء الأساسي من الاقتصاد الأميركي.

التعاطف العالمي الحالي مع القضية الفلسطينية يمكن أن يعزى إلى نظام قيمي أخلاقي قوي أو إلى إدراك يدعم الأقليات وقضاياها. ويبدو أن هناك تحولًا في الإدراك السياسي، خاصة في الولايات المتحدة، ونأمل أن يؤدي ذلك إلى مطالب متزايدة لسحب الدعم الأميركي لسياسات إسرائيل في الفلسطينيين.

زر الذهاب إلى الأعلى