الإقلاع عن التدخين: خطوة حيوية لتحسين صحة القلب وتقليل المخاطر
قال الدكتور جول ميسنييه، من مستشفى بيشا-كلود برنارد في باريس، إن المدخنين لا يزال بإمكانهم الإقلاع عن التدخين في أي وقت، ولكن كلما بادروا بذلك مبكرًا، كان الأمر أفضل لصحتهم.
وأظهرت دراسة أجراها أن الإقلاع عن التدخين يبقى مفيدًا حتى بعد تشخيص مرض القلب التاجي المستقر، حيث يساهم بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الخطيرة، مثل النوبات القلبية.
وأوضح أولريش لاوفس، من المجلس الاستشاري العلمي لمؤسسة القلب الألمانية ومدير وحدة أمراض القلب في مستشفى جامعة لايبتسيج، أن مرض القلب التاجي المستقر يحدث نتيجة لتضيق الشرايين التاجية بفعل ترسبات الكالسيوم. ويشير مصطلح “مستقر” هنا إلى عدم وجود حوادث قلبية وعائية مهددة للحياة، مثل النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.
في الدراسة التي تم تقديمها في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب في لندن في نهاية أغسطس/آب الماضي، تم تقييم بيانات 32,378 مريضًا، حيث متوسط فترة العلاج 6.5 سنوات منذ تشخيصهم بمرض القلب التاجي. ومن بين هؤلاء، كان حوالي 13,400 (41.3%) لم يدخنوا قط، و15,000 (46.2%) كانوا مدخنين سابقين، وحوالي 4,000 (12.5%) ما زالوا يدخنون.
انخفاض المخاطر
أظهرت النتائج أن خطر وقوع الحوادث الخطيرة انخفض بنسبة تقارب 44% خلال خمس سنوات عندما توقف المرضى عن التدخين بعد التشخيص. بينما لم يلاحظ فرق كبير في المخاطر بين المدخنين الذين قللوا من استهلاك السجائر وأولئك الذين استمروا في التدخين.
وأكد ميسنييه أن السنة الأولى بعد التشخيص هي فترة حاسمة، حيث أظهرت الدراسة أن 73% من المشاركين الذين أقلعوا عن التدخين فعلوا ذلك خلال العام الأول، مما أدى إلى تقليل كبير في خطر الإصابة بالنوبات القلبية وأمراض القلب والأوعية الدموية الأخرى.
وأضاف هارم فينبرجن، طبيب القلب في مستشفى “لينكس دير فيسر” في بريمن، أن ارتفاع نسبة المرضى الذين أقلعوا عن التدخين في السنة الأولى بعد التشخيص أمر منطقي، حيث يكون الدافع للإقلاع عن التدخين بعد تشخيصهم بمرض يهدد حياتهم قويًا للغاية.
وشدد ميسنييه على أهمية دعم المرضى في مواجهة تحدي الإقلاع عن التدخين، خصوصًا عند التشخيص، مشيرًا إلى أن إخبارهم بإمكانية تقليل خطر التعرض لحادثة خطيرة أو الوفاة إلى النصف يعد رسالة تحفيزية قوية.
وعلى الرغم من أن المدخنين السابقين يشهدون انخفاضًا كبيرًا في خطر الإصابة بالنوبات القلبية مقارنة بالمدخنين النشطين، إلا أنهم لا يصلون إلى مستوى خطر غير المدخنين حتى بعد سنوات من الإقلاع.
أما بالنسبة للمدخنين الذين استمروا في التدخين بعد التشخيص، فقد ارتفع لديهم خطر التعرض لحوادث خطيرة بمعدل 8% سنويًا، حيث أشار فينبرجن إلى أن النوبة القلبية يمكن أن تؤدي إلى قصور القلب أو فشل صمامات القلب بسبب تضرر وظائف القلب بشكل عام.
كما أكد فينبرجن أن الإقلاع عن التدخين يعود بالفائدة ليس فقط على القلب، بل يقلل أيضًا من خطر الإصابة بالخرف والسكري.
لتشجيع المدخنين، أوصى لاوفس بضرورة أن تكون البيئة المحيطة بهم خالية من المدخنين، مؤكدًا أن احتمال نجاحهم في الإقلاع يرتبط بوجود التدخين في محيطهم. كما يُعتبر الدعم الدوائي أو العلاج ببدائل النيكوتين خيارًا لبعض المرضى.
واختتم ميسنييه بالتأكيد على أنه “لم يفت الأوان مطلقًا للإقلاع عن التدخين، ولكن كلما بدأ المريض مبكرًا، كانت المخاطر على القلب والأوعية الدموية أقل”.