تكنولوجيا

الاعتقال المثير لمؤسس تليغرام: جدل حول الدوافع والأبعاد السياسية

بعد مرور أربعة أيام على اعتقال بافيل دوروف، مؤسس ورئيس شركة تليغرام، وجد قاضي التحقيق أن جميع التهم الاثني عشر الموجهة من قبل مكتب المدعي العام في باريس تتمتع بمصداقية كافية، وأن دوروف لم يتعاون مع النظام القضائي الفرنسي.

وبالرغم من الجدل الذي أثير حول احتجاز مؤسس تطبيق الرسائل، وتعرضه لانتقادات من دعاة حرية التعبير مثل مالك منصة “إكس” إيلون ماسك، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الاثنين، أن فرنسا “ملتزمة بحرية التعبير والتواصل وروح ريادة الأعمال”، مشدداً على أن الاعتقال لم يكن قراراً سياسياً.

ورغم محاولات ماكرون فصل القضية عن الأبعاد السياسية، ربط بعض المحللين بين الاعتقال ورغبة السلطات في السيطرة على عالم التكنولوجيا، وخاصة في ظل السياق السياسي العالمي المعقد المرتبط بروسيا وإسرائيل.

تطبيق تليغرام في قلب الجدل السياسي

بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استخدام تطبيق تليغرام منذ خريف عام 2015 لتنظيم حملته الانتخابية، وهو ما يعكس اهتمام دوائر السياسة والإعلام في فرنسا بالتطبيق. أكد الخبير في الشأن الفرنسي، عمر المرابط، أن التطبيق يعتبر وسيلة أساسية للتواصل الآمن بين أعضاء الحزب الرئاسي والمستشارين.

ويرى الدكتور توماس غينولي، أستاذ العلوم السياسية، أن الإجراء القانوني ضد دوروف قد يكون محاولة لتخويف الآخرين، ويشير إلى أن فرنسا “تقف على الجانب الخطأ من الحريات الرقمية”، مستشهداً برفض منح الجنسية الفرنسية لجوليان أسانج ورفض لجوء إدوارد سنودن.

أبعاد الاعتقال والمراقبة القضائية

تم وضع دوروف تحت المراقبة القضائية، مع فرض كفالة قدرها 5 ملايين يورو، والتزامه بالحضور إلى مركز الشرطة مرتين سنوياً، ومنع مغادرته الأراضي الفرنسية. صحيفة “بوليتيكو” أفادت بأن مذكرات الاعتقال صدرت كجزء من تحقيق سري يستهدف مستخدماً متهماً بارتكاب جرائم جنسية، بينما رفضت الشركة تحديد هوية المستخدم.

أوضح المستشار السابق بالخارجية الفرنسية، مناف كيلاني، أن ماكرون كان على علم بالاعتقال، لكن القضية تثير شكوكا حول الدوافع الحقيقية، مشيراً إلى أن المخابرات الفرنسية والأميركية ترغب في الوصول إلى البيانات المشفرة التي تمتلكها تليغرام، مما يزيد من تعقيد القضية.

التجسس واختراق البيانات

تخشى بعض الأوساط من أن يكون هناك دافع للتجسس أو اختراق الرسائل، حيث طالبت رئيسة الوزراء السابقة إليزابيث بورن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بحظر استخدام المنصة في الدوائر الرسمية. ويعتقد المرابط وكيلاني أن السلطات الفرنسية لا تستطيع الاعتراف بالتجسس نظراً لتفكك روايتها، وأن الاعتقال قد يكون محاولة لإثبات السيطرة على المعلومات الرقمية في سياق التوترات الدولية.

وقد أكد متحدث باسم المفوضية الأوروبية أن اعتقال دوروف “لا علاقة له بالتزامات الشركة بموجب قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي”، مما ينفي الرواية الفرنسية الأولية حول أسباب الاحتجاز.

في ختام التحليل، يشير البعض إلى أن قضية دوروف تثير تساؤلات حول السيطرة الفرنسية على منصات التواصل الاجتماعي والشبكات، مما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة والشكوك المتبادلة بين القوى الكبرى.

زر الذهاب إلى الأعلى