البحث عن ناجين من فيضانات درنة مستمر وتوقعات بإخلاء المدينة
مواصلة جهود البحث عن ناجين في درنة بليبيا بعد الفيضانات وتوقعات بإخلاء المدينة
تواصلت في مدينة درنة الواقعة في شرق ليبيا عمليات البحث والإنقاذ عن ناجين من الفيضانات التي اجتاحت المدينة يوم الأحد الماضي. ورغم أن تضاءلت الآمال في العثور على ناجين إلا أن الجهود مستمرة. وفي هذا السياق، توقع مسؤول محلي في درنة إمكانية إخلاء المدينة بشكل كامل أو جزئي، تحسبًا لانتشار الأوبئة.
فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية تعمل بجد في درنة والمناطق المحيطة بها للبحث عن المفقودين وإنقاذ الناجين من تحت الأنقاض وسط تحديات كبيرة تواجهها، حيث صعب التحرك في شوارع المدينة المدمرة. تنبهت السلطات إلى أن هناك كارثة صحية وبيئية تهدد المناطق المتضررة.
وزير الصحة في الحكومة المكلفة من مجلس النواب أعلن أن عدد الوفيات في درنة وصل إلى 3166 حتى يوم أمس الجمعة. بينما تشير تقديرات أخرى إلى وفاة وفقدان نحو 15 ألف شخص ونزوح حوالي 30 ألف آخرين من السكان الذين كان عددهم يُقدر بحوالي 100 ألف قبل وقوع الإعصار.
مع ارتفاع أعداد القتلى والمفقودين، تزايدت المناشدات من سكان درنة والمناطق المجاورة لزيادة الدعم بمزيد من الآليات والمعدات وفرق الإنقاذ والخدمات.
يواجه السكان وفرق الإغاثة تحديات كبيرة في التعامل مع الآلاف من الجثث التي أعادتها الأمواج إلى اليابسة أو تلك التي تتحلل تحت الأنقاض بعد أن دمرت الفيضانات المباني وألقت بالكثيرين في البحر.
تواجه عمليات الإنقاذ والإغاثة صعوبات كبيرة فيما يتعلق بالاتصالات والوصول إلى المدينة المنكوبة.
ووصفت المنسقة الطبية لفريق منظمة “أطباء بلا حدود”، مانويل كارتون، الوضع بأنه “فوضوي” ويجعل من الصعب إحصاء عدد الضحايا وتحديد هوياتهم بشكل جيد.
وأشارت كارتون إلى أن العديد من الجثث دُفنت في مدافن ومقابر جماعية، وأن هناك الكثير من الضحايا الذين لم يتم تحديد هويتهم بشكل صحيح، خاصةً الذين انتشلوا من البحر بأعداد كبيرة، وأوضحت أن الأشخاص الذين يجدون جثثًا يقومون بدفنها على الفور.
وطلبت الممثلة الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز، السفيرة الأمم المتحدة السابقة في ليبيا، التدخل الدولي عاجلاً.
منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة أخرى طلبت من السلطات الليبية التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، حيث يمكن أن يسبب ذلك مشكلات نفسية طويلة الأمد للعائلات، وقد يشكل مخاطر صحية إذا كانت الجثث مدفونة بالقرب من المياه.
تعقد الأوضاع السياسية في ليبيا أيضًا عمليات الإغاثة. فليبيا تعاني من الفوضى منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في عام 2011، وتتنافس حكومتان على السلطة في البلاد، مما يصعب الإجراءات الإنسانية والإغاثية.
إخلاء المدينة
أعلن أحمد مدورَد، نائب رئيس المجلس المحلي في مدينة درنة، لشبكة الجزيرة أن هناك توقعات بإمكانية إخلاء المدينة بشكل كلي أو جزئي تحسباً لانتشار الأوبئة بسبب الجثث التي بدأت في التحلل تحت الأنقاض.
وتوقع مدورد إخلاء حي الجبيلة وحي المغار وما تبقى من سكان وسط المدينة، الذي تعرض لدمار واسع جراء السيول التي نجم عنها انهيار سدين. وأشار إلى أن دراسة تُجرى حالياً لتقييم الوضع.
وأكد المسؤول الليبي أن عدداً كبيراً من سكان الأحياء المتضررة نزحوا إلى مناطق أخرى مثل باب طبرق وباب شيحا والفتائح والساحل الشرقي، بالإضافة إلى مدن ومناطق أخرى.
ومن جانبه، أعلن النائب العام الليبي، الصديق الصور، أن مكتبه باشر في استدعاء إدارة السدود ووزارة الموارد المائية، وأن التحقيقات الجارية حالياً بشأن الفيضانات في شرقي البلاد تركز على أسباب انهيار السدين وكيفية صرف الأموال التي دُفعت لصيانة سدي وادي درنة.
وفيما يتعلق بالردود الدولية، وصفت مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، الفيضانات التي اجتاحت شرقي ليبيا بأنها أزمة إنسانية غير مسبوقة.
أكدت مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، في مقابلة مع الجزيرة، أن الأمر الأكثر إلحاحًا في المناطق المتضررة حاليًا هو توفير مصادر مياه نظيفة وصالحة للشرب للناجين.
وصرَّح المتحدث باسم الجيش في بنغازي، أحمد المسماري، بأن الإعصار الذي ضرب منطقة الجبل الأخضر هو الأسوأ الذي شهدته ليبيا حتى الآن، مشيرًا إلى أنه جرف كل شيء أمامه، وأن أكثر من مليون شخص تأثروا بالسيول.
وأضاف المسماري أن كارثة السيول الحالية هي الأولى من نوعها في تاريخ ليبيا من حيث شدتها وحجمها، مشيرًا إلى أن الفيضانات دمرت آلاف البيوت وغمرت المناطق بالمياه.
وقد ضربت عاصفة قوية المناطق الشرقية من ليبيا يوم الأحد الماضي، وأدت الأمطار الغزيرة إلى انهيار سدين في درنة، مما أسفر عن تدفق المياه بقوة في وادي يكون عادةً جافًا. وقد جرفت المياه أجزاءً من المدينة مع أبنيتها وبنيتها التحتية، وتدفقت بارتفاع يصل إلى عدة أمتار، مما أسفر عن تدمير الجسور التي تربط شرق المدينة بغربها.