اقتصاد

البحرية الأميركية تحظر استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي “ديب سيك” الصينية وسط قلق عالمي

أفادت شبكة CNBC بأنّ “البحرية الأميركية أصدرت تعليمات لأفرادها بعدم استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي التي طورتها شركة “ديب سيك” الصينية، وذلك تحت أي ظرف من الظروف. وجاء هذا التحذير، الذي أُرسل عبر البريد الإلكتروني في 24 يناير/كانون الثاني، بعنوان “تنبيه لأفراد الطاقم”، محذرًا من المخاوف الأمنية والأخلاقية المحتملة المرتبطة بمصدر النموذج واستخدامه.

هذا التحذير من البحرية الأمريكية جاء بعد أن تمكنت شركة “ديب سيك”، التي تعمل بإمكانات محدودة، من تطوير نظام ذكاء اصطناعي منافس لكبرى الشركات الأميركية في هذا المجال. ففي 20 يناير/كانون الثاني، قرر المستثمر ليانغ ويتفيتغ، الذي كان يدير صناديق استثمار في الصين، الدخول في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد نجح في الاستحواذ على 10,000 شريحة من إنتاج شركة “إنفيديا”، ليطلق نموذج الذكاء الاصطناعي الذي أثار الكثير من القلق في كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية.

رغم التحفظات الأميركية، إلا أن هذه الشركات لا تزال تتعامل مع “ديب سيك” باعتباره فقاعة صينية، حيث يتجنب أغلبها التفاعل المباشر مع هذا النموذج، نظراً للفجوات التي تشير التقارير إلى أنها تميز النموذج الصيني مقارنةً بمنافسيه الأميركيين.

من جانبه، دافع الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مارك زوكربيرغ، عن استثمار شركته بمبلغ 65 مليار دولار في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا على استمرار هذا التوجه رغم المنافسة المتزايدة، خصوصًا مع ظهور “ديب سيك”. وأشار زوكربيرغ إلى أنه من المبكر تقييم تأثير “ديب سيك” على مستقبل الذكاء الاصطناعي.

ويرى المفكر الأميركي من أصل لبناني، نسيم طالب، أن الأزمة التي قد يسببها ظهور “ديب سيك” تشبه “البجعة الرمادية”، وهو مصطلح أطلقه على المخاطر التي يمكن التنبؤ بها جزئيًا ولكن يتم تجاهلها أو التقليل من شأنها حتى يحدث انهيار كبير. وقد شهدنا بالفعل بداية لهذه الانهيارات في الأسواق المالية، حيث تعرضت شركة “إنفيديا” في 27 يناير/كانون الثاني الماضي لخسارة أكثر من 600 مليار دولار في يوم واحد.

ويُعتقد أن ما أطلقته “ديب سيك” يمثل جزءًا من مساعي الحكومة الصينية للهيمنة على مجال الذكاء الاصطناعي، لا بهدف إرباك أسواق التكنولوجيا الغربية فقط، بل كجزء من استراتيجية أوسع لزعزعة الهيمنة الغربية على النظام العالمي. في الوقت نفسه، تحرص الصين على تجنب أي صراع عسكري مباشر مع الولايات المتحدة، مستهدفة بدلاً من ذلك ضرب أسواقها المالية.

وفي الوقت الذي تواصل فيه الشركات الأميركية تجاهل هذا التهديد الصيني، بدأت الشركات الصينية الأخرى مثل “علي بابا” في إطلاق نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، مثل نموذج “Qwen 2.5 Max”، والذي تتوقع تقارير وكالة رويترز أنه يتفوق على “ديب سيك” في الأداء، مما يفتح الباب أمام منافسة جادة في عالم التكنولوجيا الرقمية.

هذا التحول قد يضع الولايات المتحدة أمام تحدٍّ حقيقي، حيث قد يضطر المسؤولون الأميركيون إلى تغيير استراتيجيتهم لمواجهة هذا التوسع الصيني، وقد تتصاعد التوترات إلى نقطة تحول يتطلب فيها الأمر اتخاذ خطوات جديدة، قد تشمل تصعيدًا حربيًا لمنع توسع الصين في هذا المجال الاستراتيجي.

زر الذهاب إلى الأعلى