التأثيرات الاقتصادية لاحتجاز الحوثيين للسفينة الإسرائيلية
في 19 نوفمبر الجاري، قامت قوات عسكرية تابعة لجماعة الحوثي في اليمن بالاحتجاز القسري لسفينة تجارية تعود ملكيتها لرجل أعمال إسرائيلي تُدعى “غالاكسي ليدر”، وذلك استجابةً للتداعيات الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والانتهاكات والجرائم التي تعرض لها الشعب الفلسطيني. وأشارت القيادة الحوثية إلى أن احتجاز السفينة يأتي كتضامن مع الأهل في غزة الذين يتعرضون للظلم.
من جانبها، أعلنت القوات المسلحة الإسرائيلية أن اختطاف السفينة الشحنية قرب اليمن جنوب البحر الأحمر يشكل “حدثًا خطيرًا على الصعيدين الإقليمي والدولي”. وأوضحت أن السفينة المتضررة غادرت تركيا في اتجاه الهند بطاقم مدني دولي خالٍ من الإسرائيليين، وأنها ليست تحت علم إسرائيلي.
تُعَد هذه الخطوة إشارة إلى الواقع الجديد الذي فرضته عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام في أكتوبر الماضي. إذ تأتي عملية احتجاز السفينة كتنفيذ لتهديد سابق من الحوثيين بحجز أي سفن تابعة لإسرائيل، وتحذير الدول الأخرى من التعامل مع السفن الإسرائيلية.
تُرسم بذلك معادلة جديدة تتعلق بتكلفة وتأمين عمليات التجارة في المياه التي تحدها اليمن، وتطرح الحدث قضايا سياسية واقتصادية تؤثر على التداول الدولي وسلاسل الإمداد.
الأسطول البحري الإسرائيلي
وفقًا لقاعدة بيانات البنك الدولي، يُظهر تحليل البيانات لعام 2022 أن نسبة التجارة السلعية تمثل 34.6% من الناتج المحلي لإسرائيل، الذي بلغ في نفس العام 522 مليار دولار. ويتضح من البيانات أن صادرات إسرائيل من السلع بلغت حوالي 73.8 مليار دولار، فيما بلغت وارداتها من السلع نحو 107.2 مليار دولار، مما يفضي إلى عجز في الميزان التجاري بقيمة 33.7 مليار دولار.
من جهة أخرى، أوضح تقرير “إسرائيل بالأرقام 2022” الذي أعدته دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل أن موانئ البلاد قامت بتفريغ حمولات بلغ وزنها 40.6 مليون طن في عام 2022، حيث تجاوزت حمولات الصادرات 18.2 مليون طن.
يشير التقرير أيضًا إلى مرور نحو 378 ألف مسافر عبر الموانئ التجارية لإسرائيل في عام 2022. وهذا يُظهر أن التجارة البحرية لإسرائيل لا تقتصر على سفنها الخاصة، بل قد تتم أيضًا باستخدام سفن تعود ملكيتها لدول أو شركات أخرى.
التداعيات الاقتصادية للحدث
بعد طوفان الأقصى، يظهر خريطة جديدة للتضاريس في منطقة الشرق الأوسط وحول العالم، حيث تتأثر العلاقات التجارية لإسرائيل مع دول المنطقة التي أبرمت معها اتفاقيات سلام أو كانت لها علاقات تجارية طبيعية (مثل تركيا، والإمارات، ومصر، والمغرب، والبحرين) بتراجع محتمل في ظل التداعيات السلبية للعدوان الإسرائيلي على غزة.
من بين هذه التداعيات، يبرز احتجاز الحوثيين لسفينة “غالاكسي ليدر”. وفقًا لأرقام صادرة عن بنك إسرائيل المركزي، بلغت قيمة تجارة إسرائيل السلعية مع تلك الدول نحو 11.3 مليار دولار بنهاية 2022، حيث بلغت واردات إسرائيل من تلك الدول حوالي 8.2 مليار دولار، وصادراتها السلعية لتلك الدول بلغت 3.17 مليار دولار.
يُشير تهديد الحوثيين للسفن المتعاملة مع إسرائيل، والتي تمر عبر مضيق باب المندب، إلى أن هناك تأثيرًا محتملاً على تجارة إسرائيل مع الشرق، خاصة مع آسيا. قد تتسبب هذه المخاطر في تكاليف عالية لعمل السفن الإسرائيلية في تلك المياه، سواء بسبب مخاطر الاحتجاز أو زيادة تكاليف التأمين. وهذا يعني زيادة تكلفة عمل هذه السفن ورفع الأجور التي تحصل عليها، مما قد يؤثر على شركات إسرائيلية والأفراد الذين يمتلكون السفن الإسرائيلية. في حال استمرار هذه المخاطر في مضيق باب المندب، قد يُضطر البديل لتحويل وسائل النقل إلى الجو أو البر، مما سيؤدي إلى زيادة التكاليف بشكل أكبر وتأثير سلبي على تجارة إسرائيل الخارجية.