اقتصاد

التوغل الأوكراني في مقاطعة كورسك: تأثيرات اقتصادية وجيوسياسية على روسيا

لم يمر التوغل البري الأوكراني في مقاطعة كورسك غرب روسيا دون أن يترك أثراً اقتصادياً على المقاطعة وعلى روسيا بشكل عام.

تصدرت المقاطعة الأخبار بعد اختراق مفاجئ من القوات الأوكرانية في 6 أغسطس/آب، مما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ الفدرالية بعد ثلاثة أيام. تقع كورسك على بُعد حوالي 150 كيلومتراً من الحدود مع أوكرانيا، وتحتوي على مدينة سودجا التي تضم محطة قياس الغاز، التي تلعب دوراً حاسماً في تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا.

بسبب هذه التطورات، ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوياتها السنوية. ومع ذلك، لم يتأثر سوق الأوراق المالية الروسي بشكل كبير، مما يشير إلى أن السوق لم يعد حساساً للعوامل الجيوسياسية كما كان في البداية، وفقاً لخبراء روس.

أهمية اقتصادية استراتيجية

على الرغم من الأبعاد السياسية والعسكرية للتوغل الأوكراني، فإن الأضرار الاقتصادية التي نتجت عن السيطرة على أجزاء من المقاطعة لا تقل أهمية. فقد شهدت كورسك نمواً اقتصادياً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث زادت مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي والاستثمار والصناعة والزراعة والبناء بشكل كبير.

تمتاز كورسك بموارد طبيعية غنية، بما في ذلك أكبر حوض لخام الحديد على مستوى العالم، إضافة إلى شبكة بنية تحتية متطورة ومحطة طاقة كهربائية هامة توفر أكثر من 80% من الكهرباء المنتجة فيها إلى مناطق أخرى في روسيا ودول رابطة الدول المستقلة.

صناعات متقدمة وتطورات البنية التحتية

تتميز كورسك بتطور صناعات الهندسة الميكانيكية، والمعادن، والصناعات الكيماوية والغذائية، ومنتجات التكنولوجيا الفائقة. شهدت المقاطعة زيادة كبيرة في حجم أعمال البناء، بما في ذلك إنشاء مراكز طبية وتعليمية وساحات رياضية.

في السنوات الأخيرة، تم إصلاح أكثر من 1750 كيلومتراً من الطرق، وإنشاء حوالي 270 كيلومتراً من الطرق الجديدة، مما ساهم في تعزيز حركة البضائع.

الضرر المحتمل والأبعاد الجيوسياسية

يرى الكاتب في الشؤون الاقتصادية إيغور بيلسكي أن السيطرة الأوكرانية على هذه المناطق الحيوية قد تدفع القوات الروسية لاستعادة السيطرة على المناطق المتضررة. يشدد على أن الاشتباكات المسلحة قد تؤدي إلى أضرار إضافية للمقاطعة، خصوصاً للمنشآت الحيوية والبنية التحتية. كما يشير إلى تدمير أوكرانيا لثلاثة جسور، والتي ستكون إعادة بنائها مكلفة.

استجابة الاقتصاد الروسي

من جانبه، يرى الكاتب في الشؤون الاقتصادية إيغور بلينكين أن التعديلات الطفيفة في سعر الروبل وعدم حدوث عواقب اقتصادية كبيرة تعكس قدرة الاقتصاد الروسي على التكيف مع العقوبات والتحديات الجيوسياسية. يضيف أن انخفاض سعر الروبل بواقع نقطة واحدة تقريباً لم يؤثر بشكل ملحوظ، ويعزو ذلك إلى عوامل مثل ارتفاع سعر الفائدة، وزيادة الضرائب، والتهديد بانخفاض أسعار النفط.

زر الذهاب إلى الأعلى