الجريمة السياسية: المفهوم والتحديات
يعد مفهوم “الجريمة السياسية” من أكثر المصطلحات القانونية تعقيدًا وغموضًا، مما يجعل من الصعب على الفقهاء والقضاء وضع تعريف دقيق وواضح لها. تختلف تعريفات الجريمة السياسية وفقًا للنظام السياسي السائد في كل دولة، ولها خصائص تميزها عن غيرها من الجرائم التي قد تتشابه معها في بعض الأوصاف، ولكنها تختلف بشكل جوهري في الأركان والأبعاد القانونية.
أول من قام بتشريع الجريمة السياسية كان التشريع الألماني، حيث عرّفها في المادة الثالثة بأنها “الجرائم الموجهة ضد كيان الدولة أو سلامتها، وضد رئيس الدولة أو أحد أعضاء الحكومة، وضد الحقوق السياسية، والجرائم التي تمس بالعلاقات الحسنة مع الدول الأخرى.”
من جهة أخرى، عرّفها المشرع الإيطالي بأنها “كل جريمة تضر بمصلحة سياسية من مصالح الدولة أو بحق سياسي من حقوق المواطنين، أو أي جريمة تدفع إليها دوافع سياسية كاملة أو جزئية.”
وفي العراق، حدد قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 الجريمة السياسية بأنها “الجريمة التي ترتكب بدافع سياسي أو تقع على الحقوق السياسية العامة أو الفردية، وفيما عدا ذلك تعتبر جريمة عادية.”
أما في سوريا، فقد نص قانون العقوبات رقم 148 لعام 1949 على أن الجرائم السياسية هي التي تتم بدوافع سياسية، أو الجرائم التي تمس الحقوق السياسية، ما لم يكن الفاعل قد تصرف بدافع شخصي أو أناني.
الجريمة السياسية في التاريخ العربي المعاصر
تستمر الجريمة السياسية في كونها مفهومًا شائكًا ومثيرًا للجدل، وقد تناول الكاتب والصحفي المخضرم أسعد طه هذا الموضوع في كتابه “الجريمة السياسية”، الذي صدر عن دار جسور للترجمة والنشر. الكتاب، الذي قام بتحريره أسامة رشدي، يتناول أشهر الجرائم السياسية في التاريخ العربي المعاصر، محاولًا تحليل دوافع ارتكابها، أهدافها، الجهات المخططة والمنفذة، وتأثيراتها على السياق السياسي والاجتماعي.
وقد قسّم الكتاب إلى سبعة أقسام رئيسية:
- الزعماء الذين تم اغتيالهم:
- الملك عبدالله الأول
- الرئيس المصري أنور السادات
- رؤساء الحكومات الذين كانوا ضحية الجريمة السياسية:
- محمود فهمي النقراشي
- رياض رضا الصلح
- وصفي التل
- رشيد عبد الحميد كرامي
- السياسيون الذين تعرضوا للاغتيال:
- حسن البنا
- كمال جنبلاط
- محمد مصطفى رمضان
- رفعت المحجوب
- داني شمعون
- إيلي حبيقة
- جورج حاوي
- تنظيمات وأحداث سياسية هامة:
- حادثة المنشية
- تنظيم ثورة مصر
- المقاومون الذين تعرضوا للاغتيال:
- كمال عدوان
- علي حسن سلامة
- خليل الوزير
- فتحي الشقاقي
- محمود المبحوح
- المثقفون الذين تعرضوا للاغتيال:
- يوسف السباعي
- ناجي العلي
- فرج فودة
- علماء الدين الذين طالتهم الجريمة السياسية:
- محمد حسين الذهبي
- المفتي حسن خالد
كتاب أسعد طه: مرجع حاسم في دراسة الجريمة السياسية
يُعد هذا الكتاب، الذي يضم حوالي 420 صفحة، مرجعًا هامًا لفهم الجريمة السياسية في العالم العربي، من خلال تحليل تفصيلي للجرائم التي طالت شخصيات بارزة في السياسة والثقافة والدين. يقدم الكتاب رؤية شاملة للممارسات السياسية التي أدت إلى هذه الجرائم، ويستعرض تأثيراتها على الساحة السياسية والاجتماعية في الدول العربية.
من خلال كتابه، يُظهر أسعد طه كيف أن الجريمة السياسية في العالم العربي ليست مجرد حدث عابر، بل هي جزء من سياقات معقدة تنطوي على أبعاد عميقة من الصراع السياسي والاجتماعي.
