صحة

الحرب والسرطان ينهشان جسد طفلة من غزة

داخل خيمة من القماش في أحد مراكز الإيواء بوسط قطاع غزة، تجلس الطفلة انشراح أبو عمشة، البالغة من العمر 16 عاماً، والتي تعاني من مرض السرطان، وتقلب صورها التي التقطت لها وهي على سرير العلاج الذي حرمت منه بسبب العدوان الإسرائيلي المدمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

لقد أجبرت الحرب الطفلة على الانتقال من غرفة تتوفر فيها وسائل التبريد اللازمة لحالتها الصحية إلى خيمة حارة ورطبة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة. ومع إغلاق معبر رفح شبه الكامل منذ بداية الحرب، تعذّر على الطفلة استكمال علاجها في الخارج كما كانت تسعى عائلتها منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حسبما أفادت للأناضول.

في ظل تدهور حالتها الصحية، باتت الطفلة وعائلتها بلا أمل في مغادرة القطاع لاستكمال علاجها، بعد أن أغلقت إسرائيل المعبر تماماً في 7 مايو/أيار الماضي عقب سيطرتها على الجانب الفلسطيني منه في مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع.

وتطالب الطفلة، التي يعاني الجزء الأيسر من وجهها من ورمين أحدهما فوق العين والآخر في الخد، بضرورة إخراجها من القطاع لاستكمال علاجها وإنقاذها من خطر محقق.

انشراح ليست الوحيدة في عائلتها التي تعاني من السرطان؛ فوالدتها وشقيقتها كذلك مصابتان بالمرض ذاته، في حين يواجه شقيقها مرض زيادة الكهرباء في الدماغ. أفراد العائلة يصارعون اليوم المرض والحرب من أجل البقاء، بعد أن فقدوا معيلهم الوحيد بسبب المرض ذاته قبل سنوات.

منذ بداية العدوان، أغلقت إسرائيل معابر قطاع غزة، خاصة معبر رفح البري، الذي شهد إغلاقاً جزئياً سمح بخروج عدد قليل من أصحاب الجوازات الأجنبية والمرضى والجرحى، قبل أن يُغلق تماماً بعد سيطرة الجيش على الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو/أيار الماضي.

تقول وزارة الصحة الفلسطينية إن القطاع الصحي فقد أكثر من 70% من قدرته السريرية، في حين تكافح الوزارة لتقديم الخدمات عبر إقامة مستشفيات ميدانية، لكنها غير قادرة على توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. وتضيف الوزارة أن 25 ألف مريض وجريح في القطاع بحاجة للعلاج في الخارج، ولم يتمكنوا من السفر خلال العدوان الإسرائيلي.

داخل الخيمة، تعيش الطفلة أبو عمشة أوضاعاً قاسية بسبب ضعف مناعتها، قائلة: “في منزلنا ببلدة بيت حانون كانت لدي غرفة خاصة فيها جهازا تهوية وتبريد، لكن الآن نجلس في خيمة وسط ظروف غير صحية، وبدون توفر أي مقومات تساهم في رفع مناعتي”. وتشير إلى عدم إمكانية الخروج من الخيمة بسبب اكتظاظ النازحين وانتشار الأمراض والأوبئة، مما يزيد من تدهور صحتها.

سماح، والدة الطفلة، تقول للأناضول إن والد انشراح توفي قبل أعوام إثر إصابته بالسرطان، وتضيف: “أنا وطفلتي الأخرى آية مصابتان بالسرطان، أما الطفل فهو مصاب بزيادة كهرباء في المخ”. وأوضحت أن حالة انشراح الصحية صعبة للغاية بسبب المضاعفات الصحية والانتفاخ في الجزء الأيسر من الوجه.

وتضيف أنها جمعت المال لإخراج انشراح لاستكمال علاجها بالخارج بعد أن تلقت العلاج في مستشفيات إسرائيلية وبالأردن، حيث أجرت نحو 17 عملية جراحية منذ إصابتها بالمرض، منها استئصال ورم في الرأس وزرع بلاتين وعملية زرع للفك.

مع فقدان منزلها وجميع الأموال التي كانت تجمعها لعلاج انشراح، تعيش الأسرة على المساعدات الشحيحة، في ظل غياب معيلهم. وتوضح أن انعدام توفر الطعام الصحي والحليب الخاص برفع مناعة الجسم ساهم في تدهور الوضع الصحي لانشراح، قائلة: “مرت علينا أيام تناولنا فيها الكرتون بدلاً من الخبز”.

زر الذهاب إلى الأعلى