الحكومة السنغالية توفد وزيرة خارجيتها إلى موريتانيا لبحث ملف المهاجرين الذين لايتوفر ون على تراخيص إقامة

تستعد وزيرة الاندماج الإفريقي والشؤون الخارجية السنغالية، ياسين فال، للقيام بزيارة رسمية إلى موريتانيا غدًا الاثنين، في إطار مساعٍ دبلوماسية تهدف إلى مناقشة التطورات الأخيرة المتعلقة بملف المهاجرين غير النظاميين. وتأتي الزيارة في أعقاب قرارات اتخذتها الحكومة الموريتانية مؤخرًا بترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين، خصوصًا من السنغال ومالي، ما أثار ردود فعل متباينة.
أهداف الزيارة والمسائل المطروحة
من المنتظر أن تعقد الوزيرة السنغالية لقاءات رسمية مع المسؤولين الموريتانيين، حيث ستبحث معهم الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها نواكشوط بشأن المهاجرين غير النظاميين، وسُبل إيجاد حلول تحفظ حقوق المهاجرين السنغاليين، وفقًا لما أكدت عليه في تصريحاتها أمام البرلمان السنغالي مؤخرًا.
كما ستلتقي الوزيرة ممثلين عن الجالية السنغالية في موريتانيا، بهدف الاطلاع على أوضاعهم والاستماع إلى شهاداتهم حول تداعيات حملة الاعتقالات والترحيل التي نفذتها السلطات الموريتانية.
ردود الفعل السنغالية والموقف الرسمي
السنغال أعربت رسميًا عن قلقها إزاء المعاملة التي تلقاها بعض المهاجرين السنغاليين أثناء عمليات الترحيل، ووصفتها بـ”اللاإنسانية”، مطالبة الجانب الموريتاني بضمان احترام حقوق هؤلاء المهاجرين. كما أكدت الوزيرة فال أن نواكشوط تعهدت بتقديم توضيحات رسمية قبل نهاية مارس الجاري حول إجراءات الحصول على تصريح الإقامة وبطاقة الإقامة، لضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلاً.
التوترات الإقليمية وضغط الهجرة
تأتي هذه التطورات في سياق تصاعد الضغوط الأمنية والاقتصادية على موريتانيا بسبب الهجرة غير النظامية، حيث تحولت البلاد إلى نقطة عبور رئيسية نحو أوروبا، ما دفع الحكومة الموريتانية إلى تشديد الرقابة واتخاذ إجراءات صارمة. هذه السياسة أثرت بشكل مباشر على آلاف المهاجرين من دول غرب إفريقيا، وخصوصًا السنغال، الذين يقيمون في موريتانيا بحثًا عن فرص عمل أو كمحطة عبور نحو الشمال.
الوزيرة السنغالية نفسها أشارت إلى هذه التحديات، معتبرة أن الأزمة ليست مجرد خلاف ثنائي بين السنغال وموريتانيا، بل هي جزء من أزمة إقليمية أوسع تتعلق بالهجرة والأوضاع الاقتصادية الصعبة في المنطقة.
تحركات موريتانيا الدبلوماسية
في مواجهة الانتقادات، كثفت موريتانيا اتصالاتها مع دول المصدر للمهاجرين، حيث أجرى وزير الخارجية الموريتاني، محمد سالم ولد مرزوك، خلال الأيام الماضية، محادثات هاتفية مع نظرائه في السنغال ومالي وغامبيا وساحل العاج. كما استقبل عددًا من السفراء وممثلي هذه الدول في نواكشوط، في خطوة تهدف إلى تنسيق الجهود وإيجاد حلول دبلوماسية للمسألة.
احتمالات الحل ومستقبل الجالية السنغالية في موريتانيا
مع تصاعد الضغط الدولي والإقليمي، تبدو الأزمة في طريقها إلى إيجاد حلول جزئية على الأقل، خصوصًا إذا ما التزمت موريتانيا بوعودها فيما يتعلق بتوضيح إجراءات الإقامة القانونية، ما قد يساهم في تهدئة المخاوف السنغالية. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الإجراءات ستشمل جميع المهاجرين السنغاليين، أم ستقتصر على فئات معينة.
كما أن نجاح الزيارة سيعتمد إلى حد كبير على قدرة الطرفين على التوصل إلى آلية تضمن حقوق المهاجرين، دون أن تتعارض مع السياسات الأمنية والهجرة لموريتانيا، التي تواجه تحديات متزايدة بفعل تدفق المهاجرين إلى أراضيها.
خاتمة
تشكل زيارة الوزيرة ياسين فال اختبارًا حقيقيًا للعلاقات الدبلوماسية بين السنغال وموريتانيا، فبينما تسعى داكار لحماية حقوق رعاياها، تحاول نواكشوط إيجاد توازن بين التزاماتها تجاه جيرانها وضرورة ضبط ملف الهجرة. الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت هذه التحركات ستقود إلى تسوية دائمة، أم أنها مجرد تهدئة مؤقتة لأزمة قابلة للاشتعال مجددًا.