الدولار الأميركي وسوق الأسهم بين الربح والخسارة مع عودة ترامب للبيت الأبيض
عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة يُنظر إليها باعتبارها عاملًا إيجابيًا للدولار الأميركي وسوق الأسهم، لكنها في الوقت ذاته قد تخلق تفاوتًا بين الرابحين والخاسرين في أدوات الادخار والاستثمار.
تُعتبر رئاسة ترامب داعمةً لقوة الدولار الأميركي، إذ يتوقع المستثمرون أن سياساته ستؤدي إلى زيادة النمو والتضخم مقارنة بما كان سيحدث في حال استمر الديمقراطيون في الحكم بفوز كمالا هاريس. هذه التوقعات تعني أن الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي معدلات الفائدة مرتفعة لتجنب سخونة الاقتصاد، مما يعزز قوة الدولار. بالتوازي، فإن خطط ترامب لفرض رسوم جمركية جديدة وإلزام الحلفاء الأوروبيين بزيادة إنفاقهم الدفاعي، فضلًا عن احتمالية تراجع دور المؤسسات الدولية، قد تؤدي إلى إضعاف النمو في دول أخرى، مما يزيد من جاذبية العملة الأميركية.
توقع محللو “سيتي غروب” ارتفاع الدولار بنسبة 3% مع عودة ترامب. وسجل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية، ارتفاعًا بنسبة 1.8% ليصل إلى 105.28 نقطة. ومن المتوقع أن ينخفض اليورو إلى مستويات أقل من الدولار، مع استمرار مخاوف التعريفات الجمركية. بالإضافة إلى ذلك، قد تشهد عملات أخرى مثل اليوان الصيني تراجعًا، على غرار ما حدث بين عامي 2018 و2020، حيث شهدت العملة انخفاضًا سريعًا خلال فترة رئاسة ترامب.
تُعتبر الوعود الانتخابية لترامب، مثل تخفيف القيود التنظيمية وخفض الضرائب وزيادة إنتاج النفط، عوامل داعمة لأسواق الأسهم. قطاعات مثل البنوك، التكنولوجيا، الدفاع، والوقود الأحفوري ستكون أبرز المستفيدين. وتشير تقديرات “غولدمان ساكس” إلى أن خفض معدل ضريبة الشركات إلى 15% من 21% يمكن أن يدعم مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بزيادة قدرها 4%. وارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية بشكل جماعي مع تقدم مؤشر “داو جونز” بنسبة 1%، و”ستاندرد آند بورز 500″ بنسبة 1.23%، و”ناسداك” بنسبة 1.43%. ومع ذلك، قد ترفع السياسات الحمائية والقيود التجارية التكاليف وتخفض الأرباح للشركات المتعددة الجنسيات.
القلق المتزايد بشأن ارتفاع ديون الحكومة الأميركية قد يؤدي إلى ضغوط على سوق السندات. خطط ترامب الإنفاقية من المتوقع أن تضيف 7.5 تريليونات دولار للعجز خلال 10 سنوات. وقد شهدت عائدات سندات الخزانة الأميركية ارتفاعًا بنحو 50 نقطة أساس مع زيادة التوقعات بفوز ترامب. السياسات التضخمية قد تُبقي العائدات مرتفعة، مما يحد من قدرة الاحتياطي الفيدرالي على خفض الفائدة.
يتوقع أن يؤدي توسيع عمليات التنقيب عن النفط والغاز في الولايات المتحدة، وإلغاء القيود البيئية، إلى زيادة إنتاج البلاد من النفط، مما يحافظ على انخفاض نسبي في أسعار النفط الخام. ومع ذلك، قد تقلل العقوبات المحتملة على إيران الإمدادات العالمية وتدفع الأسعار للارتفاع. أما أسعار فول الصويا الأميركي، فقد تتأثر سلبًا في ظل التوترات التجارية المتجددة مع الصين.
تواجه الأسواق الناشئة تحديات كبيرة مع عودة ترامب، أبرزها الرسوم الجمركية والعقوبات الاقتصادية. ومن المتوقع أن يتراجع البيزو المكسيكي إلى مستويات تزيد عن 21 مقابل الدولار. كما أن العملات مثل الراند الجنوب أفريقي والريال البرازيلي، إضافة إلى أسواق الأسهم في هذه الدول، قد تكون عرضة للتقلبات. في الوقت ذاته، قد تصبح الاقتصادات التي تعتمد على النمو المحلي، مثل الهند وجنوب أفريقيا، وجهة استثمارية جذابة.
تعد عودة ترامب تهديدًا لسياسات المناخ والاستثمار المستدام، إذ وعد بإلغاء القوانين البيئية التي تعيق التنقيب عن النفط والغاز. ومن المتوقع أن تشهد أسهم شركات الطاقة الأحفورية انتعاشًا، مع دعم حكومي أقل للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية. ومع ذلك، قد تتطلب التغييرات الكبرى في هذا المجال دعمًا تشريعيًا قد لا يكون سهل التحقيق.
عودة ترامب لرئاسة الولايات المتحدة قد تحمل فرصًا وتحديات متعددة للأسواق المالية العالمية، مع تأثيرات متباينة على العملات، الأسهم، السندات، والسلع الأساسية، مما يعيد تشكيل خريطة الاستثمار العالمي.