المسيرة التاريخية للعلاقات الموريتانيةالصينيةوماحققته من نجاحات

تُعتبر العلاقات الموريتانية-الصينية نموذجًا للتعاون بين دول العالم الثالث، حيث تأسست هذه العلاقات رسميًا في 19 يوليو 1965، بعد استقلال موريتانيا عن فرنسا بفترة وجيزة. تميزت هذه العلاقات بتعاون وثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، مما ساهم في تعزيز التنمية في موريتانيا.
المراحل التاريخية للعلاقات الموريتانية-الصينية:
- المرحلة الأولى (1965-1978): تميزت هذه الفترة بتقارب سياسي قوي بين البلدين، حيث دعمت موريتانيا موقف الصين في المحافل الدولية، بما في ذلك الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية كممثل شرعي وحيد للصين في الأمم المتحدة. في المقابل، قدمت الصين دعمًا تنمويًا لموريتانيا، شمل بناء البنية التحتية الأساسية مثل الميناء البحري، المستشفيات، ومباني الوزارات، بما فيها القصر الرئاسي وقصر المؤتمرات.
- المرحلة الثانية (1978-2013): شهدت هذه الفترة تحولات في السياسات الداخلية لكلا البلدين. في الصين، قاد دينغ شياو بينغ إصلاحات اقتصادية وانفتاحًا على العالم، بينما شهدت موريتانيا تغيرات سياسية متعددة. ورغم ذلك، استمرت العلاقات الثنائية في التطور، خاصة في المجال الاقتصادي. بحلول عام 2004، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 100 مليون دولار، وارتفع إلى أكثر من ملياري دولار بحلول عام 2013، مما جعل الصين أكبر شريك تجاري لموريتانيا.
- المرحلة الثالثة (2013-الآن): مع دخول الصين عهد الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، أصبحت أكبر دولة تجارية وشريكًا لحوالي 140 دولة. في هذا السياق، شهدت العلاقات الموريتانية-الصينية تطورًا نحو شراكة استراتيجية، حيث أُعلن مؤخرًا عن الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مما يعكس عمق العلاقات وتطلعات الشعبين لتحقيق المنفعة المتبادلة والازدهار المشترك.
مجالات التعاون الاقتصادي:
- تمويل التنمية: قدمت الصين قروضًا ميسرة لموريتانيا لتمويل مشاريع تنموية مختلفة، بلغ إجماليها حوالي 188.69 مليار أوقية. شملت هذه المشاريع بناء البنية التحتية، تعزيز الخدمات العامة، ودعم القطاعات الحيوية مثل الزراعة والطاقة.
- دعم التنمية: ساهمت الصين في تقديم الدعم الفني في مجالات متعددة، بما في ذلك الزراعة، الصيد، والطاقة. كما قدمت هبات وخدمات لدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في موريتانيا.
- الاستثمارات المباشرة: شهدت موريتانيا استثمارات صينية مباشرة في قطاعات مختلفة، مما ساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
التحديات والآفاق المستقبلية:
رغم النجاحات المحققة، تواجه العلاقات الموريتانية-الصينية تحديات تتعلق بضرورة تحقيق توازن في الميزان التجاري وضمان استفادة متبادلة من المشاريع المشتركة. مع الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، تبرز فرص لتعزيز التعاون في مجالات جديدة، مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة، بما يحقق مصالح البلدين المشتركة.
في الختام، تُظهر العلاقات الموريتانية-الصينية قدرة الدول النامية على بناء شراكات استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مما يعزز التنمية المستدامة والازدهار المشترك.