المغرب يرحب بقرار صندوق النقد والبنك الدوليين بتقديم قرض بقيمة 1.3 مليار دولار
على الرغم من وقوع زلزال في بعض مناطق المغرب أسفر عن وفاة أكثر من 2900 شخص، فقد أكد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ثقتهما في المغرب واستمروا في التخطيط لعقد اجتماعاتهما السنوية في الموعد المحدد الشهر المقبل. وقد تمت الموافقة على منح المغرب قرض بقيمة أكثر من مليار دولار من قبل صندوق النقد لمساعدته في مواجهة تداعيات هذه الكارثة.
وأعلنت المؤسستان الماليتان الدوليتان ووزارة الاقتصاد والمالية المغربية يوم الاثنين أن الاجتماعات السنوية ستُعقد في مدينة مراكش، والتي تبعد مسافة 72 كيلومترًا فقط عن موقع الزلزال. وقد تمت إجراء بعض التعديلات لتكييف الحدث مع الظروف الراهنة.
بشكل رسمي، عبّرت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية فتاح، عن تقديرها لهذا القرار واعتبرت أنه يعكس الثقة الكبيرة التي تتمتع بها المغرب لدى المؤسستين الدوليتين. وشددت على أن هذا القرار يعكس أيضًا التعاون الوثيق بين الحكومة المغربية والمؤسستين الدوليتين في التعامل مع الأزمة بفعالية وإعطاء الأولوية لرعاية المواطنين الذين تأثروا جراء هذه الكارثة. وأشارت إلى أن البنية التحتية والتجهيزات اللازمة لتنظيم الاجتماعات تم اتخاذها بحيث تضمن الأمان التام للمشاركين.
وفي الختام، أكدت الوزيرة أن قرار عقد الاجتماعات في موعدها المحدد يعكس العلاقة القوية والشراكة القائمة بين المغرب والمؤسستين الدوليتين، خاصة في هذه الفترة الصعبة.
من المتوقع أن يجتذب اجتماع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص إلى مدينة مراكش، وهي واحدة من أشهر المدن السياحية في المغرب. وقد أعرب بدر الزاهر الأزرق، الأستاذ والباحث في قانون الأعمال بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، عن تعليقه على هذا القرار، مشيرًا إلى أن هذا الاجتماع سيكون له تأثير إيجابي كبير على جهود إعادة الإعمار وسيعزز الثقة في إمكانيات المغرب.
وأوضح الأزرق، في مقابلة مع الجزيرة نت، أن قرار الاحتفاظ بعقد اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي في المغرب يعكس تقديرًا للجهود التي بذلتها المملكة في استجابتها السريعة لمساعدة المتضررين من الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز. وأشار إلى أن هذا القرار سيؤدي إلى آثار إيجابية مباشرة، ومن الممكن أن تتحول الاجتماعات إلى منصة لتوجيه الدعم المالي من قبل دول وجهات مانحة أخرى لدعم جهود إعادة الإعمار في المملكة.
وأكد أن هذه الخطوة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ستعزز الثقة في المغرب كوجهة سياحية عالمية وستشجع على تدفق المزيد من السياح إلى مراكش والمدن المجاورة. ولفت الانتباه إلى أن مراكش قد بدأت بالفعل في التحضيرات لاستضافة هذا الحدث العالمي من خلال تجهيز الفنادق وتطوير البنية التحتية.
دعم جهود المغرب
اتخذ كبار المسؤولين في الصندوق الدولي والبنك الدولي قرارًا بعد طلب مباشر من السلطات المغربية بمواصلة إقامة الاجتماعات. وأشار مسؤولو البنك وصندوق النقد الدولي والمغرب في بيان مشترك إلى أهمية إجراء هذه الاجتماعات بطريقة تلتزم بعدم عرقلة جهود الإغاثة الجارية وتحترم الضحايا والشعب المغربي.
وأكدوا أنه في هذا الوقت الصعب، يُعتبر انعقاد الاجتماعات السنوية فرصة للمجتمع الدولي للتضامن مع المغرب وشعبه، الذي أظهر صموده مجددًا في مواجهة هذه الكارثة، مع الحرص على سلامة المشاركين.
من ناحيته، رأى الخبير الاقتصادي المغربي مهدي الحلو أن قرار الصندوق والبنك الدوليين يعتبر اعترافًا بالجهود التي بذلتها السلطات والشعب المغربي للتعامل مع تداعيات الزلزال وتأثيراتها على الاقتصاد والمجتمع.
وأضاف الحلو أن هذا القرار يُظهر أن المغرب مستعد لاستضافة المشاركين في الاجتماعات السنوية للمؤسستين الدوليتين، وهو أمر مهم خاصة وأن الفنادق في مراكش والمدن الرئيسية لم تتأثر بالزلزال.
وأشار إلى أن هذه الخطوة من قبل الصندوق والبنك الدوليين ستكون لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية رمزية كبيرة، حيث ستساهم في استعادة الثقة في قطاع السياحة في مراكش والمناطق المتضررة وتنشيط النشاط الاقتصادي بمشاركة أكثر من 14 ألف مندوب وممثل من 190 دولة.
تعتبر مراكش وجهة سياحية رئيسية في المغرب، حيث تجذب نحو نصف النشاط السياحي المحلي بفضل بنيتها السياحية القوية. تضم المدينة حوالي 70 ألف سرير في 250 فندق مصنف وأكثر من 1300 دار ضيافة، وفقًا لبيانات عام 2022.
وتشير بيانات مرصد السياحة إلى أن عدد الوافدين إلى مراكش في النصف الأول من هذا العام، من يناير إلى يونيو، عبر مطار مراكش المنارة، بلغ مليونًا و652 ألف شخصًا، مقارنة بـ 876 ألف شخص في العام السابق (2022). وزادت ليالي الإقامة خلال نفس الفترة إلى 4 ملايين و384 ألف ليلة مقارنة بـ 2 مليون و35 ألف ليلة في نفس الفترة من العام السابق.
وشهدت عائدات السياحة من العملات الأجنبية التي تأتي من الزوار الأجانب إلى المغرب ارتفاعًا كبيرًا، حيث وصلت إلى 48 مليار درهم (حوالي 4.7 مليار دولار) في الفترة المذكورة، مقارنة بـ 28 مليار درهم (حوالي 2.7 مليار دولار) في نفس الفترة من العام السابق، بارتفاع نسبته 69%.
قرض من صندوق النقد للمغرب
بالإضافة إلى ذلك، تم الإعلان عن تقديم صندوق النقد الدولي قرضًا للمغرب بقيمة 1.3 مليار دولار، وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية. نقلت وكالة المغرب العربي للأنباء عن مديرة الصندوق، كريستالينا جورجيفا، أن الاتفاق تم توقيعه على مستوى الخبراء ويهدف إلى تمويل طويل الأجل بهدف تعزيز قدرة المملكة على التصدي لتأثيرات التغيرات المناخية.
وأوضحت الوكالة أن القرض، الذي يمتد على مدى 20 سنة مع فترة سماح تمتد لمدة 10.5 سنوات، سيمنح المغرب إمكانية أكبر لمواجهة الكوارث المحتملة في المستقبل.
يتعين حاليًا أن يتمتع القرض بموافقة مجلس المديرين في صندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن يتم النظر فيه خلال اجتماعات الخريف للصندوق والبنك الدولي.
تجمع هذه الاجتماعات السنوية محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية والتنمية، والمديرين التنفيذيين من القطاع الخاص، بالإضافة إلى مشاركة المجتمع المدني ووسائل الإعلام والأكاديميين، وتهدف إلى مناقشة القضايا العالمية ذات الاهتمام الكبير.