النائب بيرام الداه اعبيد يشن هجوما لاذعا على الحكومة الموريتانية: إنشاء سلطة لمكافحة الفساد ذر للرماد في العيون


النائب بيرام الداه اعبيد، المعروف بمواقفه الجريئة، أطلق انتقادات لاذعة ضد قرار الحكومة الموريتانية بإنشاء سلطة جديدة لمكافحة الفساد، معتبرًا أن هذه الخطوة لا تتعدى كونها محاولة لتجميل الصورة أمام الرأي العام، في حين أن الفساد مستشرٍ في جميع مفاصل الدولة.
بيرام سخر من هذا القرار متسائلًا كيف يمكن لحكومة ذات سجل حافل بالفساد أن تقود جهود مكافحة الفساد بجدية.
تناقض في محاربة الفساد
يشير بيرام إلى أن النظام الحالي الذي يقوده الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، كان جزءًا من منظومة الحكم خلال فترة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، التي شهدت اتهامات واسعة بعمليات فساد وغسيل أموال. وقد كشف بيرام عن واقعة خطيرة تتعلق بتسليم ولدا عبد العزيز 11 صندوقًا مليئًا بالعملة الصعبة (الدولار واليورو) عند مغادرته السلطة، وعندما اعترض عزيز على ضخامة المبلغ، أجابه ولد الغزواني : “لقد أخذت لنفسي أكثر منك!”، مما يعكس مدى تغلغل الفساد وتوزيع الثروة العامة خارج الأطر القانونية.
فساد مستمر بنخب متجددة
تساءل بيرام عن شرعية استمرار هذين الرجلين في قيادة البلاد، رغم ضلوعهما في الفساد المالي، مؤكدًا أن هذا التواطؤ تسبب في تدهور الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية. وأكد أن النخب الحاكمة إما مقتنعة بالفساد أو متواطئة معه خوفًا على مناصبها، ما جعل الحديث عن الفساد محظورًا أو محاطًا بالخوف.
تسييس ملف ولد عبد العزيز
اعتبر بيرام أن ملاحقة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بتهم الفساد مسيسة، حيث إن المسؤولين الحاليين كانوا جزءًا من حكومته ولم يُحاسبوا على تورطهم في نفس السياسات الفاسدة. وبرأيه، فإن العدالة الحقيقية كانت ستقتضي محاكمة كل من شارك في الفساد، بما في ذلك الرئيسين الحالي والسابق، وليس الاكتفاء بتحميل ولد عبد العزيز وحده المسؤولية.
مكافحة الفساد: ذر للرماد في العيون
يرى بيرام أن إنشاء سلطة لمكافحة الفساد هو محاولة لتضليل الشعب الموريتاني، بينما الفساد ما زال يعم مؤسسات الدولة عبر الصفقات المشبوهة والمحسوبية وغياب الشفافية. ويعتبر أن السلطة الجديدة ليست سوى وسيلة لإسكات الأصوات الناقدة، في حين تظل ممارسات الفساد قائمة.
ملف الذهب واحتكار النفوذ
أشار بيرام إلى أن موريتانيا دولة غنية بالموارد الطبيعية، خاصة الذهب، لكن هذه الثروة يتم استغلالها بشكل غير عادل. ففي عهد مدير “معادن موريتانيا” السابق حمود ولد امحمد، استفاد المواطنون من التعدين الأهلي بشكل متباين رغم جهوده للحد من الظلم والمحسوبية. إلا أن الوضع تغير مع تعيين مدير جديد للمؤسسة ووزير التجهيز من المقربين للرئيس الغزواني، حيث سيطر هؤلاء على سوق الذهب المحلي وأصبحوا يتحكمون في الأسعار ويحددون توقيت شراء الذهب من المنقبين، مما جعل قطاع الذهب محتكرًا لصالح قلة من المقربين من السلطة.
تحليل الأوضاع الراهنة
ما عرضه بيرام الداه اعبيد يكشف عن شبكة معقدة من الفساد العميق الذي لم يتغير بتغير الوجوه السياسية. السلطة الحالية، بحسب وصفه، غير قادرة على محاربة الفساد لأنها جزء من المشكلة وليست الحل. الاحتكار الاقتصادي، وسوء إدارة الموارد، والتلاعب بمؤسسات الدولة تجعل من الصعب إحداث أي تغيير حقيقي في مكافحة الفساد.
إن استمرار هذا الوضع، مع سيطرة النخب الحاكمة على الاقتصاد وموارد البلاد، يضع موريتانيا أمام تحديات خطيرة تتعلق بالتنمية والاستقرار. دعوة بيرام للشعب الموريتاني إلى رفض سياسة “الاستغباء” تعكس إحساسًا متزايدًا بالإحباط من السياسات الحكومية، مما قد يدفع نحو تصعيد المطالب الشعبية بإصلاحات حقيقية وجذرية.
خلاصة
رسالة بيرام الداه اعبيد واضحة: لا يمكن مكافحة الفساد بأدوات فاسدة ولا يمكن الوثوق بحكومة تواطأت مع الفساد لعقود. يتطلب الأمر إصلاحًا شاملاً يبدأ بالمحاسبة العادلة ويشمل تفكيك شبكات النفوذ الاقتصادي والسياسي، وإلا فإن الفساد سيظل ينهش موارد الدولة ويعمق أزمات التعليم والصحة والبنية التحتية.