انتصار الثورة السورية والتخلص من نظام الأسد المجرم: حلم شعب ونهاية طغيان
على مدى أكثر من عقد من الزمن، قدّم الشعب السوري نموذجًا فريدًا من الصمود والتضحية في وجه نظام بشار الأسد الذي حول البلاد إلى ساحة حرب ضد شعبه، مستخدمًا القمع والقتل والتهجير والتدمير لإخماد صوته المطالب بالحرية والكرامة. ورغم القمع الوحشي، استمرت الثورة السورية، مؤمنة بحقها في التحرر والتخلص من هذا النظام الاستبدادي.
الطريق إلى النصر: مسار طويل من التضحيات
بدأت الثورة السورية في مارس 2011، عندما خرجت مظاهرات سلمية تطالب بالإصلاح السياسي ووضع حد لحكم عائلة الأسد المستمر منذ عقود. غير أن النظام قابل هذه المطالب بالقمع المفرط، ما أدى إلى تصعيد المواجهة وتحولها إلى نزاع مسلح، استخدم فيه الأسد كل وسائل الإبادة ضد شعبه، بما في ذلك البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، بدعم من حلفائه، وعلى رأسهم روسيا وإيران.
رغم كل ذلك، لم يستسلم الشعب السوري، بل استمر في نضاله، وواجه الاحتلال الإيراني والتدخل الروسي، كما رفض مشاريع إعادة تدوير النظام تحت أي غطاء سياسي.
تفكك النظام وفقدانه للشرعية
على مدار السنوات ال 14 ، فقد نظام الأسد السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، وأصبح مجرد دمية بيد القوى الأجنبية التي تدعمه. لقد أثبتت المجازر التي ارتكبها، وعمليات التهجير القسري، والسجون السرية التي تضم مئات الآلاف من المعتقلين، أنه نظام فاقد للشرعية داخليًا ودوليًا.
واجه النظام عزلة سياسية وعقوبات اقتصادية خانقة، بينما تصاعدت الضغوط لمحاكمته على جرائمه ضد الإنسانية. ومع تصاعد الأزمات الداخلية، بما في ذلك الانهيار الاقتصادي وتفشي الفقر، يزداد وعي السوريين بأن الحل الوحيد هو إسقاط هذا النظام وإقامة دولة ديمقراطية عادلة.
سقوط نظام الأسد المجرم على يد قوات إدارة العمليات العسكرية
بعد سنوات طويلة من النضال والتضحيات والكفاح دامت مدة 14 عاماً، ومع تصاعد الضغط العسكري والسياسي على نظام بشار الأسد، جاءت اللحظة الحاسمة التي انتظرتها الثورة السورية منذ انطلاقتها، حيث تمكنت قوات إدارة العمليات العسكرية، المؤلفة من جميع فصائل قوى الثورة السورية، من توجيه الضربة القاضية لنظام الأسد المجرم، منهية بذلك عقودًا من القمع والاستبداد. بتنسيق عالٍ بين مختلف الفصائل، وبدعم شعبي واسع، نجحت القوات الثورية في تحرير المدن والمناطق الاستراتيجية، متقدمة نحو معاقل النظام في دمشق، التي شهدت انهيارًا سريعًا في صفوف جيشه المنهك بسبب الانشقاقات المتزايدة وفقدانه للشرعية.
لم تفلح محاولات النظام، المدعوم من الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية، في صد زحف الثوار الذين اعتمدوا على تكتيكات عسكرية متطورة، مستفيدين من سنوات الخبرة القتالية التي اكتسبوها في مواجهة آلة القمع الأسدية. ومع دخول قوات الثورة العاصمة، انهارت المؤسسات الأمنية للنظام، وهرب كبار مسؤوليه إلى الخارج، فيما تم القبض على العديد من قادته العسكريين، ليواجهوا المحاكمة العادلة على جرائمهم بحق الشعب السوري.
ومع سقوط آخر معاقل النظام، أُعلن عن انتهاء عهد الاستبداد وولادة سوريا الجديدة، دولة قائمة على العدل والحرية وسيادة القانون، حيث بدأت قوى الثورة بإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية، مؤذنةً ببداية مرحلة جديدة من تاريخ سوريا، خالية من الظلم والقهر، ومبنية على تضحيات أبناء الثورة الذين لم يتخلوا يومًا عن حلمهم بسوريا حرة مستقلة.
عهد جديد وولادة سوريا الحرة بقيادة أحمد الشرع
بعد سنوات من الصمود والتضحيات العظيمة، دخلت سوريا اليوم عهدًا جديدًا مع إعلان انتصار الثورة السورية، مع مرحلة التحرر من قبضة النظام المجرم. في خطوة تاريخية نحو بناء سوريا الحرة، تم تعيين أحمد الشرع رئيسًا مؤقتًا للجمهورية العربية السورية لقيادة المرحلة الانتقالية وإعادة تأسيس الدولة على أسس وطنية وديمقراطية. جاء ذلك في المؤتمر العسكري الذي عُقد اليوم في دمشق، حيث تم إصدار مجموعة من القرارات المصيرية التي ستشكل معالم سوريا الجديدة، ومن أبرز هذه القرارات:
📌 موافقة الفصائل العسكرية على تنصيب أحمد الشرع رئيسًا للمرحلة الانتقالية.
📌 إلغاء العمل بدستور عام 2012 الذي فرضه النظام المجرم، وإلغاء جميع القوانين الاستثنائية التي استخدمها النظام لتثبيت حكمه القمعي.
📌 إيقاف العمل بجميع القوانين الاستثنائية التي تم تشريعها في عهد النظام البائد والتي كانت تساهم في القمع وتقييد الحريات.
📌 حل مجلس الشعب المشكل في زمن النظام البائد، وجميع اللجان المنبثقة عنه، تمهيدًا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس الإرادة الشعبية.
📌 حل جيش النظام البائد، وإعادة بناء الجيش السوري على أسس وطنية واحترافية تضمن حماية الوطن والمواطنين بعيدًا عن الطائفية والاستبداد.
📌 حل جميع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام البائد، بفروعها وتسمياتها المختلفة، وجميع الميليشيات التي أنشأها النظام، وتشكيل مؤسسة أمنية جديدة تحفظ أمن المواطنين وتحمي حقوقهم.
📌 حل حزب البعث العربي الاشتراكي، وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وكل ما يتبع لها من منظمات ومؤسسات ولجان، مع حظر إعادة تشكيلها تحت أي اسم آخر، على أن تعود جميع أصولها إلى الدولة السورية.
وفي تصريح له، أكد العقيد حسن عبد الغني، الناطق باسم إدارة العمليات العسكرية، أن هذه القرارات تشكل بداية جديدة لسوريا الحرة، مؤكدًا أن الثامن من كانون الأول سيكون يومًا وطنيًا يتم الاحتفال به سنويًا، كذكرى لانتصار الثورة السورية. وأشار إلى أن إدارة العمليات العسكرية تهنئ الشعب السوري على هذا الانتصار التاريخي، الذي يمثل الشرعية الحقيقية في بناء دولة ديمقراطية خالية من الفساد والاستبداد.
مع انطلاق هذه المرحلة الجديدة، يتطلع الشعب السوري إلى عهد من العدل والحرية، ويعقدون آمالًا كبيرة على القيادة الجديدة بقيادة أحمد الشرع لبناء دولة سوريا الديمقراطية المستقلة.
الخاتمة
لقد كان انتصار الثورة السورية لحظة فارقة في تاريخ سوريا، وهو نتاج لسنوات من النضال والتضحيات التي قدمها الشعب السوري بكل فئاته. اليوم، ومع بدء عهد جديد بقيادة أحمد الشرع، ينتقل السوريون من زمن الاستبداد والطغيان إلى مرحلة جديدة تسودها الحرية والعدالة. القرارات التي تم اتخاذها في المؤتمر العسكري اليوم تشكل الأساس لبناء دولة سوريا الحرة والديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان وتحقق تطلعات الشعب في حياة كريمة وآمنة.
إن الشعب السوري الذي واجه أفظع أنواع القمع والتدمير، أثبت بدمائه وصبره أن إرادة الشعوب لا تُقهر، وأن الحرية لا تُنتزع إلا بالنضال المستمر. ومع انطلاق المرحلة الانتقالية، تبدأ سوريا الجديدة في شق طريقها نحو الاستقرار والتطور، حيث يُتوقع أن تكون الدولة الجديدة نموذجًا يُحتذى به في المنطقة من حيث الشفافية، والعدالة، والمشاركة الشعبية الفاعلة في بناء مستقبل مشرق.
ومع كل خطوة إلى الأمام، ستظل الثورة السورية هي المصدر الحقيقي للشرعية، وستظل ذكرى انتصارها حية في قلوب كل السوريين، حتى تُحقق الدولة السورية الجديدة المكانة التي تستحقها بين الأمم.
أ: ماجد الأمين بتاريخ 29/1/2025 تركيا/ بورصة