اقتصاد

انهيار تاريخي في وول ستريت: “إنفيديا” تفقد 600 مليار دولار في يوم واحد بسبب منافس صيني

شهدت أسواق المال الأميركية أكبر تراجع يومي في تاريخها يوم 27 يناير/كانون الثاني 2025، حيث تعرضت شركة “إنفيديا” (Nvidia) لضربة قوية أفقدتها نحو 600 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال جلسة واحدة، وفقًا لتقرير نشرته “إيكونوميست”.

“ديب سيك”.. الوافد الجديد الذي قلب الموازين

جاءت هذه الهزة العنيفة على يد الشركة الصينية الناشئة “ديب سيك” (DeepSeek)، التي نجحت في تطوير نموذج ذكاء اصطناعي منافس بتكلفة لم تتجاوز 6 ملايين دولار فقط، مما أثار صدمة في وول ستريت وأعاد فتح النقاش حول مستقبل هيمنة “إنفيديا” على سوق الرقائق المتخصصة في الذكاء الاصطناعي.

لطالما كانت “إنفيديا” اللاعب الأبرز في صناعة معالجات الرسوميات (GPUs)، التي تُستخدم على نطاق واسع في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة. لكن دخول “ديب سيك” إلى الساحة، وتقديمها نموذجًا منافسًا باستخدام رقائق أقل تطورًا وتكلفة، تسبب في زعزعة ثقة المستثمرين في جدوى نموذج أعمال “إنفيديا”.

انهيار الأسهم وتحذيرات المستثمرين

قبل يومين فقط من الانهيار، حذّر المستثمر جيفري إيمانويل من تراجع سهم “إنفيديا”، قائلًا:
“هذه الحادثة تثبت أن الذكاء الاصطناعي لا يحتاج بالضرورة إلى مليارات الدولارات من الاستثمارات في الرقائق المتطورة. إذا تمكنت “ديب سيك” من تحقيق هذه النتائج بتكلفة زهيدة، فإن نموذج أعمال “إنفيديا” بأكمله في خطر.”

على مدار العامين الماضيين، صعدت القيمة السوقية لـ”إنفيديا” إلى أكثر من 3 تريليونات دولار، لكن الشركة تعرضت لثمانية من أسوأ 10 أيام في تاريخ البورصة الأميركية. وتزامنت هذه الضربة الأخيرة مع إعلان شركات كبرى، مثل “مايكروسوفت”، “ميتا”، و”أوبن إيه آي”، عن خطط لإنشاء مراكز بيانات تعتمد على رقائق “إنفيديا”، مما عزز التفاؤل حول الشركة قبل أن يأتي انهيار السوق ليقلب المعادلة.

هل اقتربت نهاية هيمنة “إنفيديا”؟

منذ إطلاق “شات جي بي تي” عام 2022، كانت “إنفيديا” في طليعة طفرة الذكاء الاصطناعي. لكن مع ظهور منافسين مثل “ديب سيك”، والشركات الناشئة الأخرى مثل “غروك”، التي تطور شرائح ذكاء اصطناعي متخصصة، بدأت التساؤلات تتزايد حول ما إذا كانت القفزات الهائلة في أسعار أسهم “إنفيديا” تستند إلى أسس قوية أم مجرد فقاعة على وشك الانفجار.

مستقبل “إنفيديا”.. بين التحديات والفرص

رغم الصدمة التي تعرضت لها، لا تزال “إنفيديا” تحتفظ ببعض العوامل التنافسية، لا سيما برمجيات “كودا” (CUDA)، التي تُعد العمود الفقري لمعظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب معدات الشبكات التي تعزز كفاءة مراكز البيانات.

لكن وفقًا لمحللين، قد تكون أيام الهيمنة المطلقة للشركة قد ولّت، مع دخول لاعبين جدد قادرين على تطوير تقنيات مماثلة بتكاليف أقل.

الضغوط تتزايد حتى داخل الصين

لم يكن التأثير الذي أحدثته “ديب سيك” مقتصرًا على السوق الأميركية، فقد دفعت ابتكاراتها الشركات الصينية الكبرى، مثل “علي بابا”، إلى تسريع تطوير نماذجها الخاصة. وأعلنت “علي بابا” مؤخرًا عن إطلاق نموذجها الجديد “Qwen 2.5-Max”، الذي قالت إنه تفوق على نموذج “ديب سيك” الأحدث.

في ظل هذه التطورات المتسارعة، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لـ”إنفيديا” الحفاظ على مكانتها في قمة صناعة الذكاء الاصطناعي، أم أن عهدًا جديدًا قد بدأ بالفعل؟

زر الذهاب إلى الأعلى