اقتصاد

بسبب التصاعد في التوتر بين الولايات المتحدة والصين، الصناعة الهندية تجذب شركات عالمية

صناعة الهند

تتمثل فرصة كبيرة للشركات الهندية في الاستفادة من جهود شركات رائدة لتنويع مورديها بعيدًا عن الصين وتعزيز الإنتاج المحلي. وفقًا لتقرير نُشِر على موقع الجزيرة الإنجليزي، شرعت شركة “ديكسون تكنولوجيز” في تجميع الهواتف الذكية منذ عامين ونصف العام لصالح شركة موتورولا. وقد تلقت “ديكسون” تعليمات بزيادة إنتاجها بمقدار يصل إلى 600 ألف وحدة في الربع القادم و850 ألف وحدة اعتبارًا من يناير/كانون الثاني المقبل.

هناك أيضًا خطط قيد الإعداد لتجميع الأجهزة اللوحية لصالح الشركة الأم الصينية “لينوفو غروب”. ويتقدم أداء شركة “ديكسون” بشكل ملحوظ لدرجة أنها تخطط لتوسيع مصنعها لمواكبة الطلب المتزايد.

شركة “ديكسون” هي واحدة من بين العديد من الشركات الهندية التي تستفيد من محاولة رئيس الوزراء ناريندرا مودي لتعزيز التصنيع في البلاد. حيث تسعى الشركات التجارية العالمية إلى تنويع مورديها بعيدًا عن الصين نتيجة التوترات بين واشنطن وبكين.

وأشار سوراب جوبتا، المدير المالي لشركة ديكسون، إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه هذه الصناعة. حيث تتبع العلامات التجارية العالمية استراتيجية تفضيل الشركات قواعد تصنيع متعددة، مما يضع الشركات الهندية أمام رياح عكسية.

يتمثل برنامج التصنيع الذي تتبناه حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والذي يعرف بالحوافز المرتبطة بالإنتاج، في تقديم حوافز نقدية للشركات في مجموعة متنوعة من الصناعات، بما في ذلك الأدوية والملابس والإلكترونيات.

ويشمل هذا البرنامج منح حوافز نقدية للشركات المؤهلة إذا نجحت في زيادة مبيعاتها فوق مستوى السنة الأساسية كل عام على مدار خمس سنوات. وفي قطاع الهواتف الذكية، تتراوح الحوافز بين 4% و6% من الإيرادات، وهي متاحة لخمس شركات هندية وخمس شركات أجنبية شريطة أن تصنع المنتجات بحد أدنى لسعر المصنع يبلغ 200 دولار.

قطاع التصنيع في الهند تخلف عن نظيره في الصين، وقد نجحت الحكومات السابقة في تحفيز القطاع بشكل محدود. حيث تأمل الحكومة الحالية في إنشاء قاعدة تصنيعية لتوفير فرص عمل للملايين من الهنود الذين ينضمون إلى سوق العمل سنويًا.

تشجيع الإنتاج المحلي

في عام 2015، أطلقت حكومة ناريندرا مودي حملة تعرف باسم “صُنِع في الهند” بهدف تشجيع الشركات على تصنيع وتجميع منتجاتها في البلاد. وفي العام التالي، قامت الحكومة بفرض مجموعة من الرسوم الجمركية على مكونات متنوعة للهواتف المحمولة، وهذا بهدف إجبار شركات الإلكترونيات على تصنيع منتجاتها في الهند.

وفي خطوة أخيرة تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي، أعلنت الحكومة الهندية الشهر الماضي أنها ستفرض قيودًا على استيراد أجهزة الحاسوب المحمولة والأجهزة اللوحية للشركات التي لديها تراخيص خاصة. وبعد معارضة شديدة، تم تمديد الموعد النهائي للحصول على الترخيص حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

شركة “ديكسون” هي واحدة من خمس شركات في قطاع الإلكترونيات في الهند التي تأهلت للحصول على مكافآت ومزايا بموجب برنامج الحوافز المرتبط بالإنتاج. وهي الشركة الهندية الوحيدة حتى الآن التي تمتلك مكافأة فعلية بعد تحقيق أهداف الحكومة. وهذا يثير تساؤلات حول نجاح المبادرة.

راهول باجوريا، العضو المنفذ في بنك باركليز، يشير إلى أنه من غير المرجح أن تخفض الشركات مصانعها الحالية في الصين، حيث تعد الصين سوقًا هامة وكبيرة لإطلاق المنتجات الجديدة. ويمكن للشركات أن تختار بدلاً من ذلك توسيع قدراتها الإنتاجية أو استبدال المنشآت القائمة في دول أخرى مثل الهند. ويشير إلى أن استراتيجية نيودلهي لتعزيز التصنيع بدأت تظهر تحسينات واضحة.

بيانات التجارة تظهر بعض العلامات الأولية على نجاح المبادرة. في العام الماضي، صدّرت الهند هواتف ذكية بقيمة 14.8 مليار دولار، بما في ذلك أجهزة آيفون، وهو رقم قياسي، مقارنة بواردات بلغت 17.6 مليار دولار.

شركة آبل عززت وجودها في الهند بشكل خاص منذ بدأت في تجميع هواتف “آيفون إس إي” هناك في عام 2017، والآن يتم تصنيع حوالي 7% من جميع أجهزة “آيفون” في البلاد. وفي العام الماضي، بدأت آبل تجميع هواتف “آيفون 14” في الهند، وتخطط لتصنيع هواتف “آيفون 15” في البلاد أيضًا.

تعزيز التصنيع

بينما تسعى الهند جاهدة لتنمية قاعدتها الصناعية، لا تزال تعتمد بشكل كبير على واردات المكونات الإلكترونية، والغالبية العظمى من هذه الواردات تأتي من الصين.

في الفترة السابقة التي امتدت لمدة 12 شهراً حتى نهاية يوليو/تموز الماضي، بلغت قيمة واردات الإلكترونيات في الهند 73.5 مليار دولار، وهذا الرقم يرتفع باستمرار، مما يجعلها ثالث أكبر فاتورة استيراد بعد النفط والأحجار الكريمة والمجوهرات.

وفقًا لسونيل سينها، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة “إنديا ريتينغز”، يكمن القيمة المضافة الحقيقية في عملية التصنيع نفسها، وليس فقط في تجميع المنتجات. وقال: “لكننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق هذا الهدف”.

وأضاف أنه من أجل تحقيق ذلك، يجب تعزيز الشركات الصغيرة والمتوسطة – وهي ركيزة قطاع التصنيع في البلاد – لتصبح موردين للشركات الكبيرة.

ومع ذلك، تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة مجموعة من الصدمات، بما في ذلك تأثير جائحة كوفيد-19، وتغيير معدلات الضرائب، وقرار مفاجئ بسحب العملة الورقية من فئة 2000 روبية.

ولكن يأمل سينها أن تكون الهند على أعتاب دورة جديدة من الاستثمار الرأسمالي، والذي يمكن أن يقدم دفعة كبيرة للقطاع التصنيعي. وفي تعبيره، ستكون هناك تأثيرات تراكمية على الشركات الصغيرة، ولكن على مراحل زمنية مختلفة، ومن الممكن تحقيق ذلك أيضا في قطاع الإلكترونيات. إذ تتميز الشركات الصغيرة الهندية بالمرونة إلى حد ما في التعامل مع التحديات المتغيرة، ولكنها بحاجة إلى هيكلة الطلب والدعم للبدء في هذا المجال.

زر الذهاب إلى الأعلى