بعد الحادثة: مرور 4 ساعات والموافقات الأمنية تسمح بالتنقل من شرق درنة إلى غربها
انتقد عدد من نشطاء مدينة درنة الليبية الإجراءات التي اتخذتها الجهات الأمنية في المدينة بعد انقسامها جراء الفيضانات الناجمة عن إعصار دانيال الذي ضرب المنطقة في العاشر من سبتمبر الجاري. يعتبر هؤلاء النشطاء أن هذه الإجراءات تعتبر عشوائية وغير مبررة، وهم يدعون السلطات الأمنية إلى وقف تنفيذها فورًا، وبدلاً من ذلك، العمل على تسهيل حركة المواطنين والجهات الإغاثية والمتطوعين لتقديم المساعدة للأحياء الأكثر تضررًا جراء الفيضانات.
بعد الفيضانات الكبيرة، تعرضت السلطات في شرق ليبيا، حيث يسيطر عليها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، لانتقادات شديدة بسبب استجابتها لتداعيات الكارثة. وقد أسفرت هذه الكارثة عن آلاف الوفيات والمفقودين وتدمير نحو ربع مدينة درنة.
على الرغم من وصول المساعدات تدريجياً من مختلف أنحاء ليبيا إلى درنة، فإنها تواجه صعوبة في التوزيع على الأهالي بسبب انقطاع الطرق وصعوبة التنقل بين الأحياء. ويُشير علي حسين، أحد متطوعي الهلال الأحمر في درنة، إلى أنه يجب على فرق الهلال الأحمر الحصول على تصاريح من الجهات الأمنية للسماح لهم بالتنقل واستخدام سياراتهم. ويعتقد حسين أن هذا الإجراء يعكس جهل الأفراد الأمنيين بأحياء المدينة وشوارعها، خاصةً إذا كانوا قادمين من خارج درنة ويتبعون جهات أمنية مختلفة، مما يزيد من تعقيد الإجراءات.
بالإضافة إلى ذلك، يتحدث حسين عن الصعوبات الجديدة التي تواجههم في توصيل المساعدات للمحتاجين في أماكن متفرقة من المدينة. يعتبر أن الفيضانات قد زادت من صعوبة التضاريس في المدينة وألحقت أضرارًا بنسبة 70٪ من البنية التحتية.
مطالبة وتبرير
أما ناشطة في المجال الإنساني إيمان الحبوش، فقد أصدرت مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث طالبت بإعادة فتح الطريق الذي يربط شرق درنة بغربها وبالغاء الشرط الأمني الذي يتطلب التصريح للتنقل بين الجانبين. ووصفت هذا القرار بأنه غير مدروس وأدى إلى زيادة معاناة سكان المدينة في كل جانبيها.
وأشارت الحبوش خلال مناشدتها إلى أن مبررات الجهات الأمنية لا تكون مقنعة، خصوصًا مع تزايد حوادث السرقة في الأيام الأولى للكارثة. وأشارت إلى أن المناطق المتضررة حاليًا تستقبل فقط سكانها المتبقين في محاولة للاستفادة من الممتلكات المتبقية لديهم.
القرار الذي أثار استنكارًا واستياءً واسعين بين سكان درنة جاء في إطار محاولة لتنظيم الحركة داخل المدينة وضمان الأمن بسبب تزايد البلاغات والشكاوى من السكان بشأن حالات السرقة والتخريب، حيث يُتهم بعض الأشخاص من داخل درنة وخارجها بارتكاب هذه الأعمال. وأوضح مصدر أمني أنه تم التنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية في درنة وبنغازي (المعقل الرئيسي لقوات حفتر) لحماية الفرق والشركات الوطنية والأجنبية التي تقدم خدماتها. وأشار إلى أن عدم التنسيق الكافي خلال الأسبوعين الماضيين أدى إلى بعض المشاكل التنظيمية والأمنية، مما أثر سلبًا على حملة الإغاثة التي كانت تهدف إلى تخفيف معاناة سكان درنة بأسرع وقت ممكن.
سفر داخل المدينة
الناشط المدني هويدي القزيري طالب الجهات المانحة في ليبيا بالعاصمة طرابلس ومدن غرب البلاد بإيقاف إرسال المساعدات حتى يتم وضع آلية أكثر تنظيمًا وشفافية لتوزيعها.
وأشار القزيري إلى أن المساعدات أصبحت تتركز في بعض المناطق على حساب مناطق أخرى، وكمياتها ضئيلة بالمقارنة مع الكميات الضخمة التي وصلت إلى المدينة في الأسابيع الثلاثة السابقة، وذلك بسبب الفوضى في عملية استلام وتوزيع المساعدات، بالإضافة إلى الإجراءات الأمنية التي لم تُدرس بعناية والتي أثرت سلبًا على توزيع المساعدات وحرمان المستحقين منها.
وقال القزيري: “من غير المعقول أن تكون هناك أربع استيقافات أمنية في مسافة لا تتجاوز 3 كيلومترات، مما جعل الحركة بين أحياء المدينة تستغرق قرابة أربع ساعات.” وأكد أن بعض الأحياء مثل الجبيلة وعمارات الأصالة وشارع الرفاعي وشارع بو وردة في درنة قد أطلقت نداءات استغاثة لمدة أكثر من 10 أيام دون أن تصلها أي مساعدة حتى الآن، بما في ذلك من الهلال الأحمر.
وأفاد أحد سكان درنة بأن الإجراءات الأمنية المفروضة من قبل الجهات الأمنية في المدينة تظهر تفرقًا واختلافًا في التعامل مع الأهالي. وأشار إلى أنه يمكن للشخص أن يسافر من غرب المدينة إلى شرقها في وقت الظهر دون أن يتعرض لأي استفسار أو طلب تصريح أمني. ولكنه قد يتم إيقافه لمدة ساعتين على أحد نقاط الفحص الأمني خلال عودته مساءً، ثم يُسمح له بالعودة إلى منزله بعد التواصل مع شخص يعرفه في إدارة الأمن بدرنة.