صحة

تأثير استخدام الهاتف المحمول على صحة الأطفال:الحد الأمثل للاستخدام والعمر المناسب

الهاتف المحمول والصحة.. كم يسمح للطفل باستخدامه؟ وما السن المناسبة؟


استخدام الأطفال للهواتف الذكية والأجهزة المحمولة يعتمد سواء على اللعب أو الدراسة، ومع ذلك، هناك مخاوف من تأثيرات سلبية محتملة. تبرز الحاجة إلى تنظيم ومراقبة هذا الاستخدام.

وفيما يتعلق بذلك، يشير الدكتور محمد عطا حندوس رحال، الذي يعمل كاستشاري أول في طب الأطفال الأكاديمي العام في مستشفى سدرة في قطر، إلى أن قضاء الأطفال وقتاً طويلاً أمام الشاشات قد يكون له تأثير سلبي على نمو أدمغتهم. يضيف أن هذا الاستخدام الزائد قد يؤثر على مهاراتهم في القراءة والكتابة، مثل التخيل والتحكم العقلي والتنظيم الذاتي، مما يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ السرعة الإدراكية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر هذا على التفاعل الإيجابي مع الأسرة والمعلمين.

ويوضح رحال، الذي يحمل شهادة البورد الأمريكي في طب الأطفال وشهادة المجلس الأمريكي للتخصصات الطبية، أن الأطفال يتعلمون من البيئة التي ينشئون فيها، ولذلك، يجب أن يتم التعامل مع استخدام الشاشات بحذر. وبالتالي، لا يعني ذلك أن يتم منع الأطفال من استخدام الأجهزة، ولكن يجب تنظيم ومراقبة هذا الاستخدام، ووضع قواعد واضحة للمدة والأوقات التي يمكن فيها للأطفال استخدام هذه الأجهزة.

كيف تؤثر الأشعة من الهاتف على عين الطفل؟

ينصح الدكتور رحال بعدم تعريض الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين لأجهزة الهواتف والأجهزة المحمولة بشكل عام. بينما يُفضل للأطفال الأكبر سنًا أن يقتصروا على استخدام الهواتف والأجهزة الإلكترونية لمدة لا تزيد عن ساعة يوميًا.

ويُؤكد الدكتور رحال أن الشاشات التي يتم الإشارة إليها بشكل أساسي هي الهواتف والأجهزة اللوحية، أي أجهزة الشاشات التي نقترب منها بشكل كبير. وقد تم مراقبة ازدياد حالات قصر النظر لدى الأطفال في السنوات الأخيرة.

ويُنصح الدكتور رحال باعتماد ما يُعرف بقاعدة “20-20-20″، حيث يجب على الأطفال أن يتوقفوا كل 20 دقيقة لمدة 20 ثانية على الأقل وينظروا إلى مسافة تبعد 20 قدمًا عنهم.

بالإضافة إلى ذلك، يتعلق قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشات الرقمية أيضًا بمشاكل مثل جفاف العين وإجهاد العين الرقمي، ويمكن أن يتسبب في آلام في الرأس والرقبة.

وتشير الدراسات إلى أن استخدام الأجهزة المحمولة بشكل متكرر لتهدئة وتشغيل الأطفال الصغار يمكن أن يؤثر سلبًا على تطوير استراتيجيات تنظيم العواطف على المدى الطويل، ويزيد من احتمالية تطور اضطرابات نفسية مثل اضطراب الوسواس القهري والقلق والاكتئاب، وفقًا لتقديرات الدكتور رحال.

ما المخاطر الجسدية التي تسببها الأجهزة الذكية؟

الاعتماد المفرط على الهواتف المحمولة أثناء الليل يشكل مشكلة شائعة ويسبب اضطرابات في النوم والإرهاق. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر استخدام الهواتف المحمولة بشكل زائد على نمط الحياة بصورة سلبية، بما في ذلك العادات الغذائية والعلاقات الاجتماعية، مما يؤدي إلى زيادة الوزن.

دراسات سابقة أشارت إلى وجود ارتباط محتمل بين استخدام الهواتف المحمولة والسمنة لدى الأطفال، بالإضافة إلى ارتفاع معدل حدوث مشاكل في العضلات والعظام والعيون والرقبة ومفاصل اليد والأصابع.

الأستاذ والتربوي عايش السبول، الذي يعتبر خبيراً في مجال المكتبات والباحث في مسألة إدمان الأطفال على الأجهزة الإلكترونية، يشير إلى أن الأجهزة الإلكترونية تؤثر على الأطفال من النواحي النفسية والعاطفية والاجتماعية بشكل كبير. ومن بين هذه الآثار:

  • زيادة في مستويات القلق والتوتر.
  • زيادة في العصبية.
  • تفاقم الانعزالية.
  • ازدياد حالات اكتئاب المراهقين.
  • مشاكل في تطور اللغة للأطفال.
  • زيادة الوزن.
  • آلام في الرقبة والظهر.
  • صعوبة التركيز.
  • ضعف في مهارات التفاعل الاجتماعي لدى الأطفال، حيث يقضون وقتاً طويلاً في تلقي المحتوى دون التفاعل الفعّال.
  • آلام في العينين بسبب النظر المستمر في الهواتف، خاصةً في الظلام.
  • احتمالية التعرض للإدمان والهوس، بالإضافة إلى مخاوف من فقدان الهاتف.

يتعين على الوالدين والمربين مراقبة استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية وضبطه بعناية لتقليل تأثيراتها السلبية على صحة وتنمية الأطفال.

متى يسمح للطفل باستخدام الهاتف؟

عايش السبول يشدد على ضرورة التفريق بين أنواع مختلفة من استخدام الهاتف المحمول. فعلى سبيل المثال، يُمكن الاعتماد على الهاتف لأغراض البحث والتعلم، ولكنه يؤكد بشدة على أن الدراسة والقراءة من الكتب الورقية تبقى الخيار الأفضل.

أما استخدام الهاتف لقضاء وقت الفراغ وتصفحه لساعات طويلة، فهذا يمثل خطرًا على صحة وتطوير الأطفال.

بالنسبة للسن المناسبة لبدء استخدام الهاتف المحمول، يشير بعض الخبراء إلى أنها تبدأ عادة من سن 12 إلى 13 عامًا، مع التأكيد على أهمية عدم الإفراط في استخدامه. ويوصي السبول بتحديد فترة زمنية لا تتجاوز ساعتين في اليوم لاستخدام الهاتف، وذلك للمساهمة في الحفاظ على توازن صحي في حياة الطفل.

كيف يمكن إشغال الأطفال بعيدا عن أجهزة الهاتف؟

السبول يؤكد على أن هناك العديد من السبل التي يمكن بها ملء أوقات فراغ الأطفال بشكل صحي ومفيد، وتشمل ما يلي:

  • قراءة القصص والروايات.
  • الانضمام إلى النوادي الرياضية وممارسة الهوايات.
  • تطوير موهبة الرسم والتلوين، أو أي مواهب أخرى.
  • اللعب والتفاعل مع أقرانهم.
  • تخصيص وقت للحديث مع الأطفال والاستماع إلى أفكارهم وأحلامهم.
  • مشاهدة برامج ومسلسلات وأفلام ذات قيمة تعليمية وتثقيفية.
  • تكليف الأطفال بأعمال بسيطة ومسؤوليات منزلية لتعزيز مهاراتهم والتحفيز على المشاركة.

هذه الأنشطة تساهم في تنمية الأطفال من النواحي الجسدية والعقلية والاجتماعية، وتساعدهم على تقدير الوقت والاستفادة الأمثل منه بدلاً من الاعتماد الزائد على الهواتف المحمولة.

زر الذهاب إلى الأعلى