تحديات تواجه إسرائيل بعد شهر من النزاع في قطاع غزة
إسرائيل لا تزال تتألم من آثار العملية التي تعرضت لها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتواجه تحديات كبيرة بعد شهر من القتال. حيث تواجه حالياً خمس تحديات رئيسية، وهي:
- الضغط الصاروخي المستمر: تستمر حماس في إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل بشكل متواصل، مما يعرض حياة المدنيين الإسرائيليين للتهديد ويجعلها تعيش في حالة من عدم الاستقرار.
- خسائر جيش إسرائيل: تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر بالغة خلال الصراع، مما يطرح تساؤلات حول استراتيجية القوات المسلحة الإسرائيلية وقدرتها على مواجهة تلك التحديات.
- التوترات الداخلية: الصراع أثر بشكل كبير على الوحدة الوطنية في إسرائيل، حيث شهدت البلاد احتجاجات واحتكامًا للعنف في بعض المناطق. هذا يشكل تحديًا إضافيًا للحكومة الإسرائيلية في توجيه جهودها لاستعادة الاستقرار.
- الضغط الدولي: تواجه إسرائيل ضغوطًا دولية متزايدة بشأن استراتيجيتها وتصاعد التوترات في المنطقة. هذا يتطلب منها مواجهة تحديات دبلوماسية وتواصل مكثف مع المجتمع الدولي.
- إعادة الإعمار والتعافي: بعد انتهاء القتال، تواجه إسرائيل تحدي إعادة الإعمار والتعافي من الخسائر الاقتصادية والبنية التحتية المتضررة، مما يتطلب جهودًا كبيرة لاستعادة الحياة الطبيعية وتحقيق الاستقرار.
هذه التحديات تجعل الوضع الحالي في إسرائيل معقدًا ويتطلب جهودًا كبيرة للتعامل معها واستعادة الاستقرار والأمان في البلاد.
تآكل الدعم الدبلوماسي
في اليوم التالي لاقتحام حماس لإسرائيل والحادث الذي أسفر عن مقتل 1400 إسرائيلي، أبدى ساسة من مختلف أنحاء العالم الغربي استنكارهم لتلك الحادثة وأعربوا عن تعهدهم بتقديم دعم مستمر لإسرائيل. ومع مرور 30 يومًا واستمرار إسرائيل في شن هجمات جوية على قطاع غزة والتي أسفرت عن وفاة العديد من المدنيين، زادت الضغوط من الحلفاء على إسرائيل للموافقة على هدنة إنسانية تم طلبها من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أدان مأساة الوضع في غزة.
ترى الصحيفة أن هذا التغيير في موقف الولايات المتحدة يمكن أن يُرجع إلى الضغوط المتزايدة من قبل الناخبين المسلمين الأمريكيين، الذين عبروا عن نيتهم في عدم المشاركة في انتخابات عام 2024 نتيجة للدعم الكبير الذي قدمه بايدن لإسرائيل بعد الأحداث التي وقعت مع حماس.
ويعزى هذا التحول أيضًا إلى أن الشباب الأمريكيين يبديون تأييدًا أكبر للفلسطينيين مقارنة بإسرائيل، حيث أظهر استطلاع أجرته جامعة هارفارد حديثًا أن ما يقرب من نصف الشبان (48%) يعبرون عن تأييدهم لحماس بدلاً من إسرائيل في هذا الصراع، وأن هؤلاء الشبان ليسوا مؤيدين قويين للسياسة الداعمة لإسرائيل التي تتبناها إدارة بايدن.
معاداة السامية على أشدها
تشير صحيفة جروزاليم بوست إلى زيادة غير مسبوقة في الأعمال المناهضة لليهود، حيث سُجل ازدياد بنسبة تصل إلى 1200% في الدعوات لاستخدام العنف ضد إسرائيل والصهاينة واليهود على منصات الإنترنت، وفقًا لتقرير صادر في الشهر الماضي من قبل نظام مراقبة معاداة السامية عبر الإنترنت (إيه سي إم إس).
وفي هذا السياق، تم الإشارة إلى وقوع حوادث مروعة، حيث تم قتل حاخام أمام منزله في ديترويت، وتعرضت امرأة يهودية في فرنسا للطعن ورسم صليب معقوف على باب منزلها. كما شهدت إقليم داغستان حادثًا حيث اقتحم حشد مطارًا بحثًا عن يهود كانوا على متن إحدى الطائرات. ونتيجة لتزايد هذه الأعمال المعادية، قامت الحكومة الإسرائيلية بتحذير مواطنيها من السفر إلى الخارج.
إسرائيل تعيش صدمة جماعية
قبل حتى وقوع تسلل حماس إلى إسرائيل، أُجريت دراسة نشرت في مجلة الطب النفسي الدولي تُظهر أن ما يصل إلى 27% من الأطفال اليهود في بعض مناطق البلاد قد تم تشخيص إصابتهم بمتلازمة الإجهاد اللاحق للصدمة.
وأظهرت دراسة أُجريت في جامعة تل أبيب في تل حاي عام 2021 أن مستوى المرونة النفسية بين المواطنين انخفض بشكل مستمر طوال فترة جائحة كوفيد-19، وتراجع بشكل ملحوظ خلال موجة القتال مع حماس في عام 2021.
وفي تعليقها على الأوضاع الحالية، أشارت مراسلة الصحيفة المتخصصة في مجال الصحة والعلوم، جودي سيغل، إلى أن “الصراع الجاري سيترك أثرًا عميقًا على الإسرائيليين على مدى عقود مستقبلية، وربما سيمتد تأثيره إلى الأجيال القادمة”.
تواجه إسرائيل حاليًا تحديات اقتصادية كبيرة، حيث توقع عدد من الاقتصاديين البارزين أن الاقتصاد الإسرائيلي يتجه نحو الركود نتيجة استمرار التوترات واستدعاء أكثر من 360 ألف جندي احتياطي للخدمة العسكرية، مما يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني.
في الأسبوع الماضي، وجه نحو 300 من كبار الخبراء الاقتصاديين رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية تسلئيل سموتريتش، داعين إلى تقليص الإنفاق على البنود غير الضرورية في ميزانية الدولة والقيام بمراجعة شاملة لأولويات الإنفاق. ذلك بهدف التصدي للأزمة الاقتصادية القائمة ومعالجة الآثار الاقتصادية السلبية للصراع الجاري.
وأشارت الرسالة إلى ضرورة إجراء تغييرات جذرية في ترتيب الأولويات الوطنية وإعادة توجيه موارد كبيرة لمعالجة الأضرار الناجمة عن النزاع ودعم الضحايا وإعادة إعمار البنية التحتية الوطنية.
إسرائيل متورطة في حرب لا نهاية لها
مع دخول إسرائيل في أسبوع آخر من حربها ضد غزة، يبدو أنه لا توجد نهاية واضحة في الأفق، وبالرغم من أن فكرة “تدمير حماس” قد تبدو جاذبة، إلا أن تنفيذ هذا الهدف والعواقب المحتملة لا تزال غامضة. حيث تشير الصحيفة إلى أن حماس متجذرة بشكل عميق في الحياة الاجتماعية والمدنية في غزة، وتتمتع بدعم واسع من السكان في الضفة الغربية.
وبالإضافة إلى ذلك، تُذكر الصحيفة أن حماس تحتجز أكثر من 240 إسرائيليًا ومواطنًا أجنبيًا “رهائن” في غزة، وأعلنت إسرائيل التزامها بجهود تحريرهم. وبينما ذكرت حماس يوم السبت أن أكثر من 60 شخصًا في عداد المفقودين نتيجة للغارات الإسرائيلية في غزة، يُشير التقرير إلى أن الغزو البري المتصاعد قد يعرض حياة هؤلاء الرهائن للخطر ويعسر تحقيق الهدف المطلوب. وفي حالة تفكيك حماس، يُطرح التساؤل حول إمكانية ظهور حركة أخرى مناهضة لإسرائيل.