تدمير 20 مسجدًا في غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد”طوفان الأقصى”
تعرضت مساجد غزة لأضرار هائلة خلال الأيام الخمسة الماضية من معركة تصاعدت بشكل مدمر، حيث استهدفت صواريخ وقنابل إسرائيلية أكثر من 20 مسجدًا في القطاع. هذه الأحداث جزء من ما وصفته أوساط فلسطينية بأنه “حرب إبادة”، وقد تسببت في خسائر بشرية فادحة، مع وفاة نحو 1000 شهيد، وتدمير واسع في المناطق السكنية والبنية التحتية المدنية.
رغم أن الاستهداف الإسرائيلي للمساجد ليس أمرًا جديدًا، إلا أن هذه المرة كانت الأعنف على الإطلاق. حيث تسبب القصف في تدمير العديد من المنازل في الأحياء السكنية، بما في ذلك مخيم الشاطئ للاجئين غربي مدينة غزة.
وأثرت طائرات حربية إسرائيلية بشكل كبير على بنية وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بالإضافة إلى مقر إذاعة القرآن الكريم التابعة للوزارة في برج “فلسطين” المؤلف من 14 طابقًا، مما جعلهما أضحوا أثرًا بعد عين.
تدمير
وفقًا لإكرامي سالم، المسؤول في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، فإن عدد المساجد التي تعرضت للتدمير الجزئي أو الكلي بلغ 20 مسجدًا منذ اندلاع معركة “طوفان الأقصى”، وهذه الأرقام تعتبر أولية.
وأشار إكرامي، في مقابلة مع الجزيرة نت، إلى أن هذا العدد قد يزيد نتيجة شدة العدوان الإسرائيلي وكثرة الهجمات الجوية، بالإضافة إلى صعوبة إجراء مسح شامل لجميع المناطق المتضررة وتحديد نطاق الخسائر والأضرار فيها.
وقد تضمنت القائمة التي ذكرها إكرامي المساجد التي تعرضت للتدمير الكلي، وهي على النحو التالي:
- مسجد “الحبيب محمد” في مدينة خان يونس جنوب القطاع.
- مسجد “سعد الأنصاري” في بلدة بيت لاهيا شمالا.
- مساجد “اليرموك” و”أحمد ياسين” المعروف بأسماء “الغربي” و”العباس” و”السوسي” و”إشتيوي” في مدينة غزة.
- مسجد الإمام علي في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع.
مدن أشباح
في الأيام الخمسة الماضية، انقطع صوت الأذان عن العديد من المساجد في غزة نتيجة لأحداث مدمرة. سواء بسبب القصف والتدمير الذي أصاب بعضها، أو في المناطق التي أصبحت مهجورة بعد هجرة سكانها وفرار معظمهم إلى مراكز إيواء تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). بينما اتجه آخرون إلى أماكن أمنية يعتقدون أنها أكثر أمانًا.
ووفقًا لتوثيق وزارة الأوقاف، فإن الآلة الحربية الإسرائيلية دمرت ثلاثة مساجد تمامًا وألحقت أضرارًا جزئية بحوالي 40 مسجدًا خلال معركة “سيف القدس” في عام 2021. كما دمرت قرابة 110 مساجد تمامًا أو جزئيًا خلال معركة “العصف المأكول” في عام 2014.
وبحسب رئيس لجنة الطوارئ في غزة، أبو عبيدة الغماري، تعاني المنطقة من انهيار كبير في الخدمات الحيوية بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتدهور خدمات الاتصالات والإنترنت. وهذا يجعل من الصعب تقدير مدى الكارثة بشكل دقيق، سواء بالنسبة لدمار المساجد أو بالنسبة للقطاعات الحيوية الأخرى.
ويشير الغماري إلى أنه مع انتهاء النزاع وتوقف القتال وانتهاء الضجيج، سيصبح من الواضح أن “حجم الدمار الذي خلفته حرب الإبادة والتدمير التي يشنها الاحتلال يشمل الناس والممتلكات والبنية التحتية بأكملها”.
عدو مفلس
في سياق متصل، أكد رئيس رابطة علماء فلسطين، مصطفى شاور، أن “العدو أصبح في وضع مأساوي وجبان، ولا يستسلم لمواجهة الأبطال إلا في المناطق الحصينة. واليوم في غزة، يقاتل العدو وراء غيوم السماء بعدما فشل في مواجهة الأبطال على الأرض. فإنه يُظهر الغضب والعداء عبر استهداف المنشآت الحيوية”.
وفي تعبيره الرمزي، قارن مصطفى جيش الاحتلال بـ “جيش أبرهة الحبشي الذي انطلق لتدمير الكعبة المشرفة. بينما كان لأبرهة الحبشي فيلًا كبيرًا، فإن سلاح الاحتلال هو الطائرات والسفن الحربية. ولكن يتسم إيماننا بأن المصير النهائي سيكون واحدًا، وهو اندثار الظلم والاحتلال”.
وأوضح مصطفى، الذي يعمل كأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الخليل في الضفة الغربية، الحقد الإسرائيلي على المساجد بأنه يرتبط بدورها كمراكز للعبادة والتعليم، حيث يتم تأهيل المقاومين الذين سببوا الاحتلال الإسرائيلي خسائر كبيرة وهزموه في معركة طوفان الأقصى، وكسروا سيطرته الأمنية والعسكرية. وأضاف: “الأرض لن تخلو أبدًا من دعاة الحق. واليوم، يكون أهل غزة هؤلاء الدعاة الذين يقفون ضد الظلم الذي يمارسه الاحتلال الغاشم”.