تساؤلات إسرائيلية حول المستقبل والأزمة الداخلية بعد عام من الحرب على غزة
في إحدى المظاهرات الكبرى التي شهدتها تل أبيب مؤخراً، للمطالبة بإبرام صفقة تبادل وإجراء انتخابات مبكرة للإطاحة بحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رفع أحد المتظاهرين لافتة كتب عليها “من نحن بدونهم؟”، في إشارة إلى الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس في غزة. وفي لافتة أخرى، كُتب “أعطني مبرراً واحداً لتربية الأطفال هنا”.
وفي مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، اعتبرت ميراف زونسزين، كبيرة محللي الشؤون الإسرائيلية في مجموعة الأزمات الدولية، أن هذه الرسائل تمثل أسئلة ملحة يطرحها العديد من الإسرائيليين بعد مرور عام على “أطول حرب في تاريخ إسرائيل”، مثل: “ما قيمة وطن يهودي إذا لم يكن من أولوياته إنقاذ حياة مواطنيه المدنيين الذين اختطفوا من منازلهم؟”
وتساءلت الكاتبة من تل أبيب: “هل سأشعر بالأمان مرة أخرى؟ وما نوع المستقبل الذي ينتظرني إذا كانت الرؤية الوحيدة التي يقدمها قادتنا هي حرب لا نهاية لها؟”. وأكدت أن إسرائيل تعيش أزمة وجودية بعد الهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر 2023، مشيرة إلى أن الدولة أصبحت “منكمشة”، حيث نزح عشرات الآلاف من مواطنيها من البلدات والمستوطنات الزراعية الشمالية، والقرى الحدودية الجنوبية، بينما تخوض حرباً متعددة الجبهات تتصاعد يوماً بعد يوم.
وأضافت الكاتبة أن الآلاف من الإسرائيليين الذين يملكون موارد مالية اختاروا مغادرة البلاد منذ الهجوم في أكتوبر، بينما يفكر آخرون في الهجرة أو يخططون لها. كما أن العديد من الإسرائيليين يواصلون النزول إلى الشوارع أسبوعياً للمشاركة في الاحتجاجات وعصيان مدني ضد الإصلاحات القضائية التي اقترحتها الحكومة.
وأوضحت أن أزمة داخلية أخرى تجلت الشهر الماضي عندما أظهرت الصور رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق دان حالوتس وهو يُبعد بالقوة من قبل الشرطة خلال اعتصام أمام مقر إقامة رئيس الوزراء، بالإضافة إلى صور تُظهر تعرض أقارب الأسرى للإيذاء من قبل ضباط إنفاذ القانون.
وفيما يتعلق بالحرب الحالية، اعتبرت الكاتبة أنها معركة منفصلة تماماً عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قائلةً: “كما لو أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة لا يتنفسون نفس الهواء الذي نتنفسه في إسرائيل”. وأضافت أن الغضب في الشارع الإسرائيلي يتركز في فشل الحكومة في إنقاذ الأسرى، بينما لم يُبدِ الكثيرون اعتراضاً على التدمير العشوائي في غزة ومقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، أغلبهم من المدنيين.
ونقدت زونسزين “الاستخفاف الإسرائيلي بمعاناة الفلسطينيين”، وهو ما اعتبرته سمة واضحة ومقلقة للحياة في إسرائيل بعد الهجوم، مشيرة إلى أن هذا التجاهل كان موجوداً قبل ذلك، لكنه أصبح الآن أكثر وضوحاً وتأثيراً. ورأت أن هذه “اللامبالاة” هي التي سمحت لليمين المتطرف بالهيمنة على السياسة الإسرائيلية.
واختتمت الكاتبة مقالها بتساؤل ملح: “ماذا يعني أن تعيش في بلد جعل قادته رفاهية مواطنيه أمراً ثانوياً بالنسبة لمستقبلهم السياسي وتعزيز سلطتهم العسكرية؟ وكيف يمكن للإسرائيليين تفسير تطبيق قانون انتقائي، حيث ترفض الشرطة اعتقال المستوطنين الذين يعتدون على الفلسطينيين، بينما تُعتقل من يطالبون بصفقة لإطلاق سراح الأسرى رغم التزامهم بالقانون؟”.