صحة

تشويش عقلي بعد التعافي من كوفيد-19: واقع يؤرق الكثيرين

يعاني العديد من الأشخاص من تشويش عقلي منذ تعافيهم من فيروس كورونا، حيث تشير بيانات متعددة إلى تأثيرات وباء كوفيد-19 على وظائف الدماغ لدى نسبة من المصابين. ففي الولايات المتحدة، أفاد حوالي مليون بالغ من صعوبة ملحوظة في التذكر والتركيز واتخاذ القرارات في عام 2023 مقارنة بالفترة التي سبقت الوباء، وفقًا لتحليل أجرته صحيفة نيويورك تايمز لبيانات مكتب الإحصاء.

وفي هذا السياق، أشار أندرو بيتكوس، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب السريري في كلية كيك للطب بجامعة جنوب كاليفورنيا، إلى أن الأخطاء العقلية لا تستدعي دائمًا القلق، حيث يمكن أن تكون الأخطاء الشائعة مثل نسيان السبب وراء دخول غرفة أو التغيب عن موعد جزءًا طبيعيًا من انشغال الإنسان وتشتت انتباهه. على الرغم من أنه قد يبدو أن هذه الأخطاء أكثر أهمية بعد تجربة مؤلمة مثل الوباء، إلا أنه يمكن أن يكون هناك عوامل متعددة تؤثر على الإدراك.

تأثير الوباء على الإدراك

يقول جوناس فيبيل، عالم الأعصاب الإدراكي والسلوكي في جامعة هاواي في مانوا، إن الوباء قد أثر بالفعل على عقولنا، ويقوم حاليًا بقياس الالتهاب والتلف العصبي بعد كوفيد-19 لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراض مثل ضباب الدماغ. ويشير إلى أن التجارب السابقة تشير إلى أن فيروس كورونا يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على الدماغ، إلى جانب التأثيرات النفسية الناتجة عن العزلة والقلق الناتج عن الوباء.

أظهرت الدراسات أن فيروس سارس-كوف-2 ليس مجرد فيروس تنفسي، بل يمكن أن يؤثر على الأعضاء المختلفة في الجسم، بما في ذلك الدماغ. تشير الفرضيات إلى أن فيروس كورونا قد يسبب التهابًا مستمرًا أو تلفًا في الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى مشاكل معرفية.

مشاكل معرفية حادة

تم ربط كوفيد-19 بمشكلات معرفية خطيرة، بما في ذلك الخرف والتفكير الانتحاري. ويعتبر ضباب الدماغ، وهو من الأعراض الشائعة لكوفيد الطويل، عائقًا كبيرًا قد يمنع الأفراد من ممارسة حياتهم اليومية بفعالية. وجدت دراسة أجريت في 2024 أن الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد-19 يعانون من أداء معرفي أقل مقارنة بأقرانهم الذين لم يصابوا بالفيروس، مما يعكس عجزًا يعادل نحو 3 نقاط في معدل الذكاء.

التأثيرات على من لم يصابوا بالفيروس

حتى أولئك الذين لم يصابوا بكوفيد-19 يعانون من تأثيرات نفسية نتيجة العيش خلال الجائحة. دراسة حديثة نشرت في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم أظهرت تدهورًا ملحوظًا في بعض مناطق الدماغ لدى المراهقين، مما يعكس تأثيرات الضغط النفسي الناتجة عن الأزمات الصحية.

كيف يمكن التعامل مع تشويش الدماغ؟

يشير بيتكوس إلى أن الأفراد الذين يشعرون بتغيرات عقلية يمكنهم الاستفادة من ممارسة العادات المعززة للدماغ، مثل التفاعل الاجتماعي والنشاط البدني. علاوة على ذلك، هناك أمل في إمكانية علاج بعض التأثيرات العقلية الناجمة عن كوفيد-19 بفضل الأبحاث الجارية.

كوفيد-19 طويل الأمد

قال وزير الصحة الألماني كارل لاوترباخ إنه بعد انتهاء الجائحة، لا يزال هناك أشخاص في ألمانيا يعانون من متلازمة كوفيد-19 طويل الأمد، حيث تتزايد الأعراض مثل التعب المزمن ومشاكل التنفس والتركيز. وأكد لاوترباخ أن عدد المصابين بهذه المتلازمة في ازدياد، محذرًا من مخاطر الإصابة مرة أخرى حتى بالنسبة للأشخاص الملقحين.

تشير الأبحاث إلى أن آثار كوفيد-19 يمكن أن تستمر لفترة طويلة بعد الإصابة، مما يستدعي اهتمامًا خاصًا من المجتمع الطبي لضمان تقديم الرعاية اللازمة للمتأثرين.

زر الذهاب إلى الأعلى