تفكيك شبكةكبرى لتهريب المهاجرين في موريتانيا: قوارب، وقود، وأسماء وهمية

كشفت مصادر أمنية رفيعة عن تفاصيل مثيرة حول عملية تفكيك واحدة من أكبر شبكات تهريب المهاجرين غير النظاميين في موريتانيا، والتي كانت تدير عملياتها من داخل ما يُعرف بـ”مراكز الإيواء” في العاصمة نواكشوط، وتحديداً في مقاطعات تفرغ زينة، السبخة، توجنين، والميناء.
شبكة من المراكز وعمليات معقدة
المصادر أكدت أن إحدى هذه المراكز كانت تتولى بشكل مباشر إرسال المهاجرين إلى مدينة نواذيبو، ومنها يتم نقلهم عبر قوارب نحو الشواطئ الإسبانية. ومن بين من تم ترحيلهم سابقاً، عدد تم توقيفهم يوم 7 مارس الماضي على متن سيارة إسعاف، في محاولة تمويه لتهريبهم.
التحقيقات التي قادتها وحدات الدرك المتخصصة أسفرت عن مداهمة أكثر من 50 مركز إيواء، وضبط معدات تستخدم في تسهيل عمليات التهريب، كما تمّت مصادرة 12 قاربا كانت معدة للإبحار سراً من الشواطئ الموريتانية.
معدات تهريب ضخمة
ولم تقف حصيلة المصادرات عند القوارب، بل شملت كذلك كميات ضخمة من الوقود المهرب، مواد غذائية مجهزة للرحلات البحرية الطويلة، إضافة إلى مئات سترات النجاة التي توزع على المهاجرين تحسباً لأي طارئ في عرض البحر.
وتبيّن من خلال التحريات أن الشبكة كانت تستأجر قوارب صيد وتخفيها في مناطق نائية، قبل تجهيزها للإبحار باتجاه أوروبا.
خطة الهروب: عبر الصحراء إلى نهر السنغال
اعتمدت الشبكة خطة دقيقة لتفادي نقاط التفتيش والحواجز الأمنية، حيث كانت تنقل المهاجرين عبر سيارات صحراوية تمر من مسالك بعيدة عن الطرق الرئيسية. وكان المعبر الرئيسي عبر شواطئ نهر السنغال، وخصوصاً في ضواحي مدينة سيلبابي بولاية كيدي ماغا.
أسعار الهروب وجنسية محتملة
ووفقاً لمعطيات حصلت عليها وكالة الأخبار المستقلة، فإن كل مهاجر كان يدفع مبلغ 500 ألف أوقية قديمة (نحو 1400 دولار)، يحصل مقابلها على “تذكرة القارب” التي تحدد تاريخ ومكان الإبحار.
أما النساء فكان لهنّ “تسعيرة خاصة”، حيث تطلق الشبكة عليهن لقب “النعجة”. تدفع المرأة الحامل 500 ألف أوقية عنها، وإذا كان حملها أقل من 4 أشهر تُضاف 250 ألفاً، أما في حال بلغ الحمل ثمانية أشهر أو أكثر، فيرتفع المبلغ إلى 800 ألف أوقية، نظراً لإمكانية حصول الطفل على الجنسية الإسبانية فور ولادته في أوروبا. الطفل المرافق لأمه، له كذلك تكلفة خاصة قدرها 300 ألف أوقية قديمة.
ردود فعل دولية وترحيل جماعي
ومع تصاعد الأزمة، باشرت السلطات الموريتانية منذ أسابيع حملة واسعة ضد المهاجرين غير النظاميين، شملت توقيف المئات منهم وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية أو إلى الدول التي قدموا منها. هذه الخطوات أثارت ردود فعل من دول مثل السنغال ومالي وغينيا وغامبيا، والتي أوفدت وزراء خارجيتها إلى نواكشوط، في حين تم استقبال وزير الخارجية الموريتاني من قبل رؤساء هذه الدول لبحث تداعيات الأزمة.