اقتصاد

تقدير التكلفة المالية لبناء منصة تواصل اجتماعي عربية: دراسة تكاليف التطوير

ماهو انستقرام

منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وقع الفلسطينيون والعرب، بالإضافة إلى داعمي قضية فلسطين حول العالم، ضحية لحصار آخر يتمثل في تقييد حرية النشر للمحتوى الكشف عن جرائم الاحتلال عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هذا الحصار يشمل منصات عالمية، خاصة الأميركية والغربية مثل فيسبوك وإنستغرام وواتساب و”تويتر” (المعروفة سابقاً بـ”إكس”) ومنصات أخرى تظهر تحيزًا تجاه الرواية الإسرائيلية.

تطرح التساؤلات التالية نفسها: لماذا لا تتوفر للعرب منصة اجتماعية عالمية قوية تسمح لهم بالتعبير بحرية دون تسييس من وسائل التواصل الاجتماعي الغربية؟ هل يعجز العرب، الذين يملكون مواردًا وإمكانيات مادية هائلة، عن إنشاء وتشغيل منصة بهذا النطاق؟ وما هي التكلفة المالية لإطلاق مثل هذا المشروع ومدى جدواه الاقتصادية؟ وما هي الصعوبات والعقبات المحتملة التي قد تواجه هذا السعي؟

سنسعى في هذا التقرير إلى الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها، ملقين الضوء على التحديات المحتملة والمزايا المحتملة لتحقيق مثل هذا المشروع.

ما التكلفة المالية لإنشاء منصة تواصل اجتماعي عربية؟

وصل حجم سوق الإعلانات العالمي عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى 176.46 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن يشهد ارتفاعًا إلى 209.2 مليار دولار بنهاية عام 2023، بمعدل نمو سنوي يبلغ 18.6%. توقعت منصة مجموعة “بزنيس ريسرش” في تقريرها الأخير أن يصل حجم هذا السوق إلى حوالي 381 مليار دولار بحلول عام 2028، مع معدل نمو سنوي يصل إلى 16.2%.

في الشرق الأوسط، يُتوقع أن يكون سوق الإعلان الرقمي هو الأسرع نموا في العالم خلال العامين المقبلين، نتيجةً للتحول المستمر في دول الخليج العربي بشكل عام، وفي المملكة العربية السعودية بشكل خاص.

تشير التوقعات إلى أن السوق الإعلاني الإقليمي، الذي كانت قيمته 5.9 مليارات دولار في العام الماضي، سينمو بنسبة 10% في عام 2023 و6.2% في عام 2024، ليصل إلى 7 مليارات دولار. وتتوقع منصة “أربيان غلف بيزنس إنسايت” أن تكون المملكة العربية السعودية السوق الإعلانية الرائدة في المنطقة بقيمة تصل إلى ملياري دولار بنهاية عام 2023.

مع التركيز على الإمكانات الاقتصادية، يرى خبراء أن استثمار جزء من هذه الأموال في إنشاء منصة تواصل اجتماعي عربية يمكن أن يعود بالفائدة للدول والمؤسسات العربية. يُشير رائد سمور، خبير أمن المعلومات والتطور الرقمي، إلى أن إنشاء منصة عربية يمكن أن يكون مشروعًا ناجحًا، مشددًا على أهمية تحويل الأموال داخل الوطن العربي لتطوير المجتمعات والاقتصاد العربي.

زيدون الحديد، الكاتب وخبير الإعلام الرقمي، يضيف أن الجدوى الاقتصادية للمنصة العربية يمكن أن تكون كبيرة، وتتراوح بين 6 و10 أضعاف قيمتها الأصلية خلال عامين فقط من إطلاقها. وبشكل عام، وفي الظروف العادية، قد يحتاج المشروع من 5 إلى 7 أعوام لتغطية تكاليفه، وفقًا لتقديرات زيدون.

التكلفة المادية

قال رائد سمور إن مثل هذه المنصات تتطلب تكلفة مادية عالية، نظرًا لتعدد الأقسام والتفرعات فيها، ولضرورة الجهد البشري والتقني الكبير، بالإضافة إلى العمل المستمر لساعات طويلة. وأوضح أن منصات التواصل الاجتماعي تحتاج إلى مبرمجين ومطورين محترفين، وإلى أقسام متخصصة في الأمان السيبراني والتسويق الإلكتروني والعلاقات العامة، فضلاً عن وجود سيرفرات متطورة.

زيدون الحديد، خبير الإعلام الرقمي، أشار إلى أن التكلفة التقديرية لإنشاء منصة تواصل اجتماعي تقنية بحجم فيسبوك أو تويتر قد تصل إلى مليار دولار سنويًا على الأقل، نظرًا لتكلفة بناء وتطوير وتشغيل وإدارة هذه المنصة. وأوضح أن التكلفة تتضمن سيرفرات متقدمة، وتنفيذ بروتوكولات الأمان وضمان الخصوصية، بالإضافة إلى فريق تطوير ذو خبرة.

وفيما يتعلق بتقديرات بعض المنصات المتخصصة، مثل “كود مونيتور” و”ميديوم”، أشارت إلى تكلفة تصميم التطبيق فقط، دون الخوض في التكلفة التشغيلية. وبحسب “كود مونيتور”، فإن تكلفة تصميم منصة مشابهة لفيسبوك تعتمد على ساعات العمل وقد تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات.

ورغم أن تكلفة تصميم منصة تواصل اجتماعي قد لا تكون ضخمة، إلا أنها – بحسب الخبراء – تعتمد على تعقيد وتطور التطبيق والخصائص المتاحة فيه. ويُبرز شريف كتانة، الخبير التقني، أن إنشاء منصة للتواصل الاجتماعي يحتاج إلى إمكانيات كبيرة، خاصة إذا كانت تهدف إلى جذب ملايين المستخدمين عبر العالم، وتشير التكلفة التشغيلية لمنصة فيسبوك وحدها إلى أن تكلفتها السنوية قد تصل إلى مليارات الدولارات.

زر الذهاب إلى الأعلى