تقنية تصوير جديدة تمكن من قياس فقدان حاسة الشم بدقة ودون ألم
تمكّن العلماء، ولأول مرة، من قياس فقدان حاسة الشم، المعروف باسم “أنوسميا”، باستخدام تقنية تصوير جديدة بدقة وبدون ألم. تستهدف هذه التقنية العصب الشمي، مما يوفر بديلاً محتملاً للخزعات المستخدمة حاليًا لتشخيص بعض حالات فقدان الشم ويساهم في تطوير تدخلات علاجية جديدة.
هل فقدان حاسة الشم أمر شائع؟
تشير الأبحاث إلى أن حوالي 13.3 مليون بالغ في الولايات المتحدة يعانون من اضطرابات شمية مختلفة، ويعاني نحو 3.4 مليون شخص من ضعف شديد أو فقدان كامل لحاسة الشم. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام تم جمعها قبل جائحة فيروس كورونا، لذا من المحتمل أن يكون العدد الحالي أكبر.
وقال الدكتور دورين أدلباي، الأستاذ المساعد في قسم أمراض الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة في جامعة جنوب كارولينا الطبية، إن “رغم الأهمية الكبيرة لحاسة الشم في جودة الحياة، وعدم وجود طرق موضوعية ومستقلة لتقييمها، سواء في الممارسات السريرية أو في الأبحاث على الحيوانات والبشر، فإننا سعى إلى اكتشاف طريقة جديدة لتشخيص فقدان الشم باستخدام عامل تصوير فلوري خاص يسمى Tsp1a-IR800P”.
الفلورة وكيمياء الشم
بعض المواد الكيميائية قادرة على إصدار ضوء مرئي بعد امتصاص إشعاع غير مرئي مثل الأشعة فوق البنفسجية، وهي عملية تُعرف بالفلورة.
يمكن أن يؤدي الكشف المبكر عن اضطرابات الشم إلى تدخلات مبكرة قد تعالج المرض أو تقلل من تقدمه. يتمثل الهدف من هذه التقنية الجديدة في تحديد قنوات الصوديوم المعتمدة على الجهد الكهربائي، التي تلعب دورًا حيويًا في نقل الإشارات إلى البصلة الشمية.
تطبيقات التصوير الفلوري
يستهدف العامل الفلوري المستخدم في الدراسة قناة الصوديوم المعتمدة على الجهد الكهربائي 1.7 (Nav1.7)، وهي ضرورية لعملية الشم. قام الباحثون بحقن الفئران بالمادة الفلورية وتصويرها، وأجريت التجربة على فئران ذات حاسة شم طبيعية وأخرى تم تحفيز فقدان الشم لديها كيميائيًا. كما تمت دراسات إضافية على أنسجة الظهارة الشمية من القرود غير البشرية، والهامستر المصاب بفيروس كورونا المستجد، وجثث بشر تم تشخيصهم بالفيروس وتوفوا بسببه.
نتائج الدراسة
أظهرت نتائج الدراسة، التي نُشرت في مجلة الطب النووي في 3 يوليو/تموز، أن قناة الصوديوم المعتمدة على الجهد الكهربائي 1.7 تُعبر بكثافة في الأشخاص ذوي حاسة الشم الطبيعية، بينما كان التعبير عنها منخفضًا بشكل كبير لدى الأشخاص الذين يعانون من فقدان الشم. كما لوحظ أن انخفاض شدة الإشارة الفلورية يتناسب مع درجة التلف، مما يشير إلى أن الإشارات الفلورية المنخفضة قد تدل على فقدان الشم، بينما الإشارات العالية قد تشير إلى استجابة للعلاج واستعادة حاسة الشم.
وأشار معدو الدراسة إلى أن هذا العامل الفلوري يمكن استخدامه في العيادات لتشخيص اضطرابات الشم، ويمكن أيضًا تطبيقه في الدراسات ما قبل السريرية على نماذج الحيوانات لتقييم فعالية التدخلات الدوائية التي قد تعيد حاسة الشم، مما يساهم في تطوير علاجات جديدة.
وأضاف الدكتور ناغا فارا كيشور بيلارسيتي، الأستاذ في قسم الأشعة بمركز ميموريال سلون كيتيرينج للسرطان في نيويورك، أن “الكشف المبكر عن اضطرابات الشم يمكن أن يؤدي إلى تدخلات مبكرة قد تعالج المرض أو تقلل من تقدمه، مما يسهم في تحسين جودة حياة المرضى”. وأشار إلى أن “هذا الابتكار قد يؤدي إلى تطوير عوامل تصوير مماثلة لاضطرابات حسية وعصبية أخرى، مما يوسع نطاق التصوير الجزيئي”.