ثقافة

توجيههم نحو بيئتهم وتعليمهم دينهم: خطبة جمعة باللغة الأوردية في قطر

تقربهم من بيئتهم وتعلمهم دينهم.. خطبة جمعة بالأوردية في قطر

يتذكر الشاب الهندي ميرا سعيد المسجد الصغير في مدينة جامو بكل تفاصيله وذكرياته التي ترتبط بكل زواياه، بدءًا من قاعة الصلاة التي كان يحرص على زيارتها خمس مرات يوميًا، وصولاً إلى المنبر والمئذنة والقبة وصحن المسجد الذي كان يعج بالمصلين في كل صلاة جمعة.

ميرا، الذي يعيش في الدوحة، انتظر لمدة 25 عامًا حتى يعيش نفس الأجواء خلال أداء صلاة الجمعة في أحد مساجد منطقة الصناعية، حيث تُلقى خطبة صلاة الجمعة بلغته الأم الأوردية، وهي اللغة التي تستخدم الأحرف العربية في كتابتها.

يُثمن المواطن الهندي التوجه القطري لإلقاء خطبة الجمعة باللغة الأوردية في عدد من المساجد في منطقة الصناعية، حيث يتواجد العديد من المقيمين الهنود والباكستانيين الذين يُجيدون هذه اللغة. ويعتبر هذا التوجه خطوة إيجابية تجاه تعزيز فهمهم لخطبة الجمعة ومشاركتهم في الروحانية الخاصة بهذه الصلاة التي تعتبر عيدًا أسبوعيًا للمسلمين.

خطبة الجمعة

يشير ميرا، الذي يعمل كسائق في إحدى الشركات، إلى أن أداء صلاة الجمعة في الماضي كان مجرد روتين يمر به. لم يكن يفهم أو يستفيد من الخطبة، مما كان يجعله في العديد من الأحيان يتأخر في الذهاب إلى المسجد حتى يصل وقت الصلاة.

ويضيف أنه في الآونة الأخيرة، بدأ إمام المسجد بالإعلان عن إلقاء خطبة الجمعة باللغة الأوردية بعد انتهاء الصلاة، وهذا الإعلان دفعه للجلوس في حلقة حول الإمام والاستماع للخطبة. لكنه جرب هذا الأمر مرة وتركه مرات أخرى لأسباب متعددة.

ميرا يشير إلى أن إلقاء خطبة الجمعة بالأوردية جعله يشعر بالروحانية والقدسية للصلاة. ويعتبر أن تخصيص بعض المساجد لإلقاء خطبة صلاة الجمعة باللغة الأوردية هو قرار مناسب بمراعاة وجود أعداد كبيرة من المقيمين الهنود والباكستانيين. يقرب هذا الإجراء هؤلاء المقيمين أكثر من بيئتهم الثقافية واللغوية، ويساهم في تعليمهم وتوعيتهم بأمور دينهم الإسلامي.

الأوردية هي اللغة الرسمية في باكستان وواحدة من 22 لغة رسمية في الهند، وتُعتبر لغة رسمية في خمس ولايات هندية، وهي: أندرا براديش وجامو وكشمير وأوتار براديش ونيودلهي.

أداء العبادات

من جهته، يعتبر الباكستاني عبد الله محمد أن إلقاء خطبة صلاة الجمعة بالأوردية – لغته الأم – كانت خطوة موفقة للغاية، لا سيما بالنسبة له ولجميع الذين يجيدون الأوردية. إن وجود مساجد تقدم خطبة الجمعة بهذه اللغة هو أمر يُثنى عليه بشدة، ولم يكن يتوقع ذلك قبل أن ينتقل إلى قطر.

ويقول عبد الله للجزيرة نت إنه وصل إلى الدوحة قبل بضعة أسابيع، وأن البيئة هنا ممتازة وصحية بالنسبة للمقيمين. فإلى جانب الواجبات التي على المقيمين أداؤها، هناك أيضًا حقوق تتاح لهم، وهذا يتضح بوضوح في تقديم الخدمات الدينية وأداء العبادات في قطر.

ويضيف أنه خلال فترة تواجده في الدوحة، لم يشعر بالغربة بسبب وجود عدد كبير من الباكستانيين، ومع ذلك، لم يتمكن حتى الآن من العثور على فرصة عمل. وعلى الرغم من ذلك، لديه ما يقارب 20 يومًا قبل موعد مغادرته، وسيحاول خلال هذه الفترة الحصول على وظيفة والبقاء في الدوحة لتجربة العيش في هذا البلد الآمن للمسلمين ولكل الديانات.

ومن أجل توعية المسلمين غير الناطقين بالعربية وتثقيفهم حول ديانتهم، وتعليمهم الآداب الإسلامية والمعرفة المفيدة لهم، أعلن مركز الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود الثقافي الإسلامي بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالتعاون مع إدارة المساجد، مؤخرًا إطلاق خطبة صلاة الجمعة باللغة الأوردية في سبعة مساجد في المنطقة الصناعية.

بادرة طيبة

بالنسبة لمحمد إمداد الله، الذي يعمل إمامًا في أحد مساجد منطقة الصناعية ويأتي من بنغلاديش، يُعتبر قرار إطلاق خطبة صلاة الجمعة باللغة الأوردية خطوة إيجابية وطيبة بشكل خاص بالنسبة للأوردية وأيضًا للباكستانيين والهنود والبنغال بشكل عام.

ويشير إمداد الله إلى أن اللغات الأوردية والبنغالية والهندية تتقارب في المعنى، وأن 90% من الهنود والبنغال يفهمون اللغة الأوردية. وبالتالي، تم اتخاذ قرار تقديم خطبة صلاة الجمعة باللغة الأوردية لتلبية احتياجات هذه الجماعة اللغوية.

إضافةً إلى ذلك، يشير إمداد الله إلى أن إدارة المساجد كلفت بعض المساجد في الفترة السابقة بإعادة إلقاء خطبة الجمعة باللغة الأوردية بعد انتهاء الصلاة. ولكن هذا الإجراء لم يكن كافياً، خصوصاً مع استجابة ضعيفة للغاية، حيث لا يتجاوز عدد الأشخاص الذين يجلسون للاستماع إلى الخطبة من جديد باللغة الأوردية 10 أشخاص.

ويشدد إمداد الله، الذي يقيم في قطر منذ عام 1990، على أن إطلاق خطبة الجمعة باللغة الأوردية أثر بشكل إيجابي وكبير على الناطقين بالأوردية في قطر. وقد بدأوا يظهرون اهتماماً كبيراً ويحرصون على الحضور إلى المسجد مبكراً للاستماع إلى الخطبة.

زر الذهاب إلى الأعلى