جامع دجينغاربير: تحفة تمبكتو ذات السبعة قرون
تمبكتو – تقوم قافلة تضم 60 ألف رجل، حيث يحمل 12 ألفًا منهم إجمالي 24 طنًا من سبائك الذهب، وتحمل 80 جملًا كل منها قنطارًا من الذهب الخالص. يتميز رجال القافلة بملابس الحرير وعصيّ ذهبية في أيديهم، يراقبون الخيول والجمال ويديرون شؤون القافلة. تعتبر هذه القافلة، التي تحت إشراف وقيادة مانسا موسى، إمبراطور مالي الشهير، من بين أشهر القوافل في تاريخ المنطقة.
مانسا موسى، وريث أسرة نافذة في النفوذ، قاد القافلة بشكل يمتد سيطرته من بحيرة تشاد شرقًا إلى الساحل الأطلسي غربًا، شملت مناطق في مالي والسنغال وغامبيا وغينيا وبوركينافاسو والنيجر وأجزاء من موريتانيا ونيجيريا وتشاد.
هذه القافلة الشهيرة لم تكن مجرد استكشافية أو تجارية، بل كانت في طريقها شرقًا نحو مكة المكرمة. وقد كانت أكبر وأثرى وأكرم قافلة حج قادها حاكم مسلم، إذ تصدق مانسا موسى بالذهب على الفقراء، مما أدى إلى كساد أسواق الذهب في البلاد التي مر بها، وبنى مساجد في كل مكان زاره أيام الجمعة.
مسجد دجينغاربير، الذي أصبح مركزًا ثقافيًا إسلاميًا رائدًا في أفريقيا جنوب الصحراء لقرون عديدة، كان أحد تحفه البارزة. وقد تم بناؤه بشكل كامل من الطين المخلوط بالقش، مما منحه صلابة وقوة لا تضاهى.
أبو إسحاق الساحلي، المهندس الأندلسي الشهير، قادر على ترك مساهمته البارزة في بناء المسجد باستخدام مواد متاحة محليًا، مثل الطين وأخشاب النخيل، مما جعل المباني الطينية في تمبكتو وغاوة تبقى صامدة على مر الزمن.
المسجد لم يكن مجرد مكان للصلاة، بل كان الكلية الرئيسية من ثلاث كليات شكلت جامعة تمبكتو، حيث تلقى آلاف الطلاب تعليمهم وتدريبهم في مجموعة متنوعة من التخصصات، مما جعلها مركزًا تعليميًا رائدًا في العالم الإسلامي.
تتميز الأبواب والنوافذ في تمبكتو بطراز فني متميز يجمع بين الفنون العربية والأفريقية، وتعد مكتبة الجامعة واحدة من أضخم المكتبات في العالم الإسلامي، حيث تضم مجموعة ضخمة من الكتب والمخطوطات.
على الرغم من التحديات التي واجهت المسجد على مر السنين، فإنه بفضل جهود السكان المحليين الذين قاموا بترميمه بانتظام، بقي المسجد شامخًا وحاميًا لتراثهم وتاريخهم.