الأخبار الوطنية

خطاب فخامة رئيس الجمهورية أمام قمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا ومغادرةموريتانيا لرئاسة الإتحاد الإفريقي

أصحاب الفخامة والمعالي، رؤساء الدول والحكومات،
صاحب الفخامة السيد آبي أحمد، رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا،
معالي السيد موسى فقي، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي،
معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
فخامة الرئيس محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية،
معالي السيدة مايا موتلي، رئيسة وزراء جمهورية باربادوس،
السادة والسيدات رؤساء الوفود،
السادة والسيدات السفراء،
السادة والسيدات ضيوفنا الكرام،

تحية طيبة وبعد،

أود في البداية أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير للحكومة والشعب الإثيوبيين على التنظيم المحكم لهذه القمة وعلى كرم الضيافة الذي لطالما ميز هذا البلد العريق، مهد منظمتنا القارية ومهد أحلام الآباء المؤسسين لإفريقيا موحدة، آمنة، مستقرة ومزدهرة.

كما يسعدني أن أجدد الشكر لإخوتي رؤساء الدول والحكومات الإفريقية على ما منحوني إياه من ثقة ودعم خلال فترة رئاستي للاتحاد الإفريقي، وهو شرف كبير ومسؤولية جسيمة سعيت للاضطلاع بها بكل إخلاص وتفانٍ. كما أرحب بجميع القادة الدوليين الحاضرين معنا في هذه القمة، التي تأتي في مرحلة مليئة بالتحديات والفرص على حد سواء.

أفريقيا في مواجهة تحديات معقدة

لقد جاءت رئاستنا للاتحاد الإفريقي في ظرف دولي وقاري بالغ التعقيد، تزامن مع اعتماد الخطة العشرية الثانية لتنفيذ أجندة 2063، والتي تمثل الإطار الاستراتيجي لدفع عجلة التنمية في قارتنا. ولئن كان حجم التحديات كبيرًا، فإن إرادتنا الجماعية لتحقيق تطلعات شعوبنا تظل أقوى.

إن العالم اليوم يشهد تصاعدًا في النزاعات والأزمات، وانهيارًا في أنظمة السلم والأمن الدولي، مما أثر بشكل مباشر على القارة الإفريقية، التي تعاني أصلًا من تحديات الفقر والبطالة والهشاشة الاقتصادية، فضلًا عن تداعيات التغيرات المناخية والإرهاب والصراعات المسلحة. وقد تفاقم هذا الوضع بفعل إعادة تشكيل النظام الدولي وفق أسس لم تتضح معالمها بعد، ما يجعل إفريقيا أمام مسؤولية كبيرة للدفاع عن مصالحها وتوحيد صفوفها في مواجهة هذه التغيرات.

تعزيز الأمن والاستقرار في القارة

انطلاقًا من التزامنا بالسلام في إفريقيا، بذلنا جهودًا كبيرة لدعم مبادرات حل النزاعات بالطرق السلمية. فقد دعمنا المساعي المبذولة لحل الأزمة الليبية، ونسقنا الجهود لوقف النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما استضفنا اجتماعًا تشاوريًا لتعزيز جهود السلام في السودان، وعقدنا لقاءات مباشرة مع الأطراف المعنية لحثهم على وقف العنف والحفاظ على وحدة بلادهم.

ومع ذلك، لا يزال تحقيق السلام الشامل والمستدام في القارة هدفًا يتطلب مزيدًا من الجهود والتنسيق. ومن هنا، فإنني أدعو إلى تفعيل قرارات قمة مالابو لعام 2022، ومساءلة هيكل السلم والأمن الإفريقي لضمان تناغمه مع التحديات الأمنية الراهنة، مع التركيز على تمويل مستدام وفعّال للجهود السلمية في القارة.

حشد الموارد لدعم التنمية المستدامة

لقد أولينا اهتمامًا بالغًا بتعبئة الموارد المالية لدعم المشاريع التنموية، حيث نظمنا، بالشراكة مع القادة الأفارقة، قممًا لدعم تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية، مما أسفر عن تعبئة غير مسبوقة بلغت 100 مليار دولار. كما حصلنا على التزام بزيادة التمويلات الكورية والأمريكية والصينية لدعم التنمية في إفريقيا.

وفي المحافل الدولية، دافعنا عن ضرورة معالجة أزمة الديون التي تعيق جهود التنمية، وطالبنا بمراجعة نظام المساعدات الدولية ليكون أكثر عدالة واستدامة، كما شددنا على أهمية تعزيز التمثيل الإفريقي في المؤسسات المالية العالمية لضمان مواءمة سياساتها مع الاحتياجات التنموية للقارة.

التعليم، الصحة، والسيادة الغذائية: أولويات إفريقيا

إن الاستثمار في رأس المال البشري هو مفتاح التنمية، ولذلك جعلنا التعليم محورًا رئيسيًا خلال رئاستنا للاتحاد الإفريقي، حيث استضفنا مؤتمرًا قاريًا في نواكشوط حول التعليم والتشغيل، ركّز على ربط التعليم بمتطلبات سوق العمل، لضمان تمكين الشباب الإفريقي ومساعدته على تحقيق طموحاته.

أما في مجال الصحة، فقد عززنا قدرات المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض، لمواجهة الأوبئة والتحديات الصحية التي تهدد القارة، مؤكدين على ضرورة توفير أنظمة صحية قادرة على الصمود أمام الأزمات.

وفي إطار السعي لتحقيق السيادة الغذائية، نظمنا قمتين استثنائيتين، ركزتا على دعم الإنتاج الزراعي المستدام، وتعزيز الأمن الغذائي، وإطلاق مبادرات لتحسين جودة التربة واستخدام الأسمدة. وأدعو قمتنا إلى تبني إعلان نيروبي بشأن صحة التربة والأسمدة، وإعلان كامبالا بشأن الزراعة المستدامة، لما لهما من أهمية في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي لإفريقيا.

تعزيز التكامل الاقتصادي والطاقة النظيفة

إن تحقيق التنمية المستدامة يستوجب بناء بنية تحتية قوية تدعم التكامل الاقتصادي بين دول القارة. وفي هذا السياق، نظمنا قمة حول الطاقة، هدفت إلى ضمان وصول 300 مليون إفريقي إلى الكهرباء بأسعار معقولة، وهو شرط أساسي لدعم التصنيع والنمو الاقتصادي.

كما واصلنا جهودنا في الدفع نحو تحول طاقوي عادل، يؤمن لإفريقيا حقها في تطوير مواردها الطاقوية، مع الاستفادة من التمويلات الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي.

الإصلاح المؤسسي وتمكين إفريقيا دوليًا

لقد عملنا خلال هذه المأمورية على تعزيز الإصلاحات المؤسسية داخل الاتحاد الإفريقي، لضمان توزيع عادل للمناصب القيادية، وتحسين أداء أجهزة الاتحاد. كما ركزنا على توحيد صوت إفريقيا في الساحة الدولية، مطالبين بحق القارة في تمثيل عادل داخل مجلس الأمن والمؤسسات المالية العالمية.

إن تحقيق هذه الأهداف يتطلب وحدة الصف والتنسيق المستمر بين الدول الأعضاء والمجموعات الاقتصادية الإقليمية، لتجسيد رؤية إفريقيا 2063 على أرض الواقع.

ختامًا: إفريقيا إلى الأمام

وختامًا، أؤكد لكم أنني أغادر منصب رئيس الاتحاد الإفريقي وأنا أشعر بفخر واعتزاز بما تم تحقيقه، ومؤمنًا بقدرة قارتنا على تحقيق تطلعات شعوبها. وأتمنى كل التوفيق لأخي صاحب الفخامة جواو لورينسو في قيادة الاتحاد خلال المرحلة المقبلة، مؤكدًا له دعمي الكامل.

عاشت إفريقيا موحدة، قوية، ومزدهرة.

أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زر الذهاب إلى الأعلى