دراسة: الملوثات العضوية الثابتة ترفع ضغط الدم لدى المراهقين بعد جراحة السمنة

كشفت دراسة علمية حديثة أن التعرض للملوثات العضوية الثابتة (POPs) يرتبط بارتفاع ضغط الدم على المدى الطويل لدى المراهقين الذين خضعوا لجراحة لعلاج السمنة.
وتُعد الملوثات العضوية الثابتة مركبات كيميائية صناعية سامة تدخل الجسم عادة من خلال الأغذية الملوثة، وتخزن داخل الأنسجة الدهنية لفترات طويلة، مما يجعل آثارها تمتد لسنوات.
الدراسة التي أنجزها باحثون من كلية كيك للطب بجامعة جنوب كاليفورنيا، ونشرت نتائجها في مجلة الجمعية الكيميائية الأميركية للعلوم والتكنولوجيا البيئية في 24 فبراير الماضي، حددت أيضًا مسارًا بيولوجيًا محتملاً يفسر العلاقة بين هذه الملوثات والتغيرات في مستويات ضغط الدم.
تأثير عالمي وانتقال عبر السلسلة الغذائية
الملوثات العضوية الثابتة لا تهدد فقط صحة الإنسان، بل تمتد آثارها إلى البيئة بأكملها. ونظرًا لقدرتها على الانتقال عبر الرياح والمياه، فإن هذه الملوثات قادرة على التأثير في سكان وحياة برية في بلدان بعيدة عن مصدرها الأصلي.
وتتميز هذه المواد بثباتها البيئي، ما يجعلها تتراكم في السلسلة الغذائية وتؤثر على أنواع متعددة من الكائنات الحية، بما في ذلك الأسماك والطيور. أما لدى البشر، فقد ارتبطت هذه المواد بمشكلات صحية خطيرة مثل اضطرابات النمو، وأمراض الجهاز العصبي، والتأثيرات الهرمونية، وضعف الجهاز المناعي.
ويُعد الغذاء الملوث المصدر الرئيسي لتعرض الإنسان لهذه المواد، بينما تشمل الطرق الأخرى الأقل شيوعًا شرب المياه الملوثة أو التعرض المباشر للمواد الكيميائية.
جراحة السمنة وتأثير الملوثات المخزنة
تُستخدم جراحات السمنة للمساعدة على فقدان الوزن وتحسين الحالة الصحية العامة، خصوصًا في ما يتعلق بأمراض الأيض مثل السكري وارتفاع ضغط الدم. لكنها في الوقت نفسه تؤدي إلى إطلاق الملوثات العضوية الثابتة المخزنة في دهون الجسم إلى مجرى الدم.
وفي هذا السياق، قالت الباحثة المشاركة شودي بان من قسم علوم السكان والصحة العامة:
“رغم أن جراحة السمنة فعالة لتحسين صحة القلب والأيض، إلا أنها تفتح الباب أمام إطلاق هذه الملوثات إلى الدم، مما يرفع خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم”.
تحليل طويل المدى على المراهقين
شملت الدراسة بيانات 57 مراهقًا أجروا جراحة لعلاج السمنة، حيث تم قياس مستويات الملوثات في أنسجتهم الدهنية قبل الجراحة، ثم تمت متابعة ضغط الدم بعد 6 أشهر، ثم بعد 5 سنوات.
وأظهرت النتائج وجود علاقة واضحة بين ارتفاع ضغط الدم الانقباضي بعد 5 سنوات وزيادة مستويات الملوثات العضوية الثابتة.
وأجرى الباحثون تحليلاً لعمليات الأيض لفهم الآلية التي تؤثر بها هذه المواد على تنظيم ضغط الدم، فوجدوا أن إحدى المسارات البيولوجية المرتبطة بإنتاج مادة “البروستاجلاندين” – وهي مادة تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم ضغط الدم – قد تعرضت للتعديل نتيجة وجود هذه الملوثات، ما أدى إلى اختلال عملية ضبط الضغط على المدى البعيد.