صحة

دراسة تكشف معاناة ملايين المراهقين الأفارقة من الربو دون تشخيص أو علاج

توصلت دراسة حديثة إلى أن ملايين المراهقين في أفريقيا يعانون من الربو دون علمهم بسبب غياب التشخيص الطبي، مما يحرمهم من الحصول على العلاج اللازم.

نشرت نتائج الدراسة في مجلة “لانسيت” الطبية، وهي دراسة تسلط الضوء على واحدة من أكثر المشكلات التنفسية شيوعًا والتي تفتقر القارة إلى بيانات دقيقة بشأنها. يُعد الربو من أبرز أسباب الوفيات التنفسية المزمنة، وهو ما أبرزته الكاتبة شولا لاوال في مقالها على موقع الجزيرة الإنجليزية.

الربو، الذي يصيب الرئتين ويسبب صعوبات في التنفس، غالبًا ما يبدأ في مرحلة الطفولة أو المراهقة. عام 2019، قُدر عدد الشباب المصابين بالربو عالميًا بنحو 76 مليون شخص. وعلى الرغم من عدم وجود علاج نهائي لهذه الحالة، فإن العلاجات المتوفرة تُخفف الأعراض التي قد تستمر حتى مرحلة البلوغ.

قاد باحثون من “جامعة كوين ماري في لندن” دراسة شملت 20 ألف مراهق تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عامًا في ست دول أفريقية، ووجدوا أن 12% منهم يعانون من أعراض ربو شديدة، بينما لم يتم تشخيص 80% منهم من قِبل متخصصين.

توزعت الدراسة التي أُجريت بين عامي 2018 و2021 على مدارس في مناطق حضرية تشمل بلانتير في ملاوي، وديربان في جنوب أفريقيا، وهراري في زيمبابوي، وكمبالا في أوغندا، وكوماسي في غانا، ولاغوس في نيجيريا. وكانت ديربان الأعلى في نسبة المصابين، بينما كانت بلانتير الأقل.

كشفت الدراسة أن ثلث الطلاب الذين شُخصت حالاتهم مسبقًا كانوا يعانون من أعراض شديدة دون استخدام أي علاج. يعزى ذلك إلى نقص الوعي بخطورة المرض وضعف المعرفة بالعلاجات.

قالت جيويا موسلر، مديرة الأبحاث في الدراسة، إن فترة المراهقة تشهد أعلى معدلات الإصابة بالربو. وأضاف الباحثون أن النتائج ليست قابلة للتعميم نظرًا لاختلاف الظروف في المدن الأفريقية، لكن استقراء النتائج يشير إلى احتمال وجود 15 مليون مراهق غير مشخَّص في منطقة جنوب الصحراء الكبرى.

أسباب الربو وعواقبه
يمكن أن تسبب حبوب اللقاح، الغبار، والدخان الناتج عن حرق النفايات أو الملوثات الأخرى نوبات الربو، التي تتضمن أعراضًا مثل صعوبة التنفس، الصفير، ضيق الصدر، والسعال. ورغم ندرة الربو الحاد، فإنه قد يكون مميتًا؛ إذ أودى بحياة 455 ألف شخص عام 2019، أغلبهم في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

في أفريقيا، تفتقر العديد من البلدان إلى إحصاءات دقيقة حول وفيات الربو، لكن دراسات محلية تشير إلى أن معدلات الوفيات قد تكون مرتفعة مقارنة بدول أخرى. في أوغندا مثلًا، تُقدر الوفيات بـ19 لكل ألف شخص سنويًا. ويرتبط المرض بعوامل وراثية وبيئية مثل التغيرات المناخية وتلوث الهواء، الذي يُعزى جزئيًا إلى التوسع الحضري السريع في القارة.

التوسع الحضري وأثره على الصحة
مع تسارع التحضر في أفريقيا بمعدل 3.5% سنويًا، تشهد المدن الكبرى توسعًا متزايدًا، ما يفاقم مشكلات تلوث الهواء الناتج عن مصادر الطاقة وعوادم السيارات والنفايات غير المجمعة. في جنوب أفريقيا مثلًا، يُعتقد أن تلوث الهواء الناجم عن محطات الفحم يزيد من انتشار الربو وأمراض الجهاز التنفسي.

تحديات العلاج والحلول
تعتمد معظم البلدان الأفريقية على علاجات مؤقتة بدلاً من توفير أدوية طويلة الأمد للسيطرة على الربو. ورغم ذلك، ترتفع تكاليف العلاج؛ ففي نيجيريا، ارتفعت أسعار أجهزة الاستنشاق من 1.70 دولار إلى 4.57 دولارات خلال عام واحد.

للتصدي لهذه التحديات، تدعو منظمة الصحة العالمية إلى تحسين جودة الهواء، بينما يطالب الباحثون الحكومات الأفريقية بزيادة الاستثمار في علاجات الربو والوعي العام بالمرض. تشير موسلر إلى أن العيادات المتنقلة التي تزور المدارس قد تكون وسيلة فعالة للكشف المبكر في المناطق التي تعاني من ضعف الرعاية الصحية.

في ظل أزمة المناخ وتزايد التحديات الصحية، يبرز الربو كأحد أبرز المشكلات الصحية التي تتطلب استجابة عاجلة لتحسين حياة الملايين من المراهقين في أفريقيا.

زر الذهاب إلى الأعلى