صحة

دراسة جديدة تكشف أهمية تأجيل الحكم لتفادي فخ الانطباعات الأولى

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة ديوك الأمريكية أن تأجيل الحكم على الأشياء حتى بعد الاستيقاظ من النوم يمكن أن يساعد في تجنب الوقوع في فخ الانطباعات الأولى.

تم نشر الدراسة في الثالث من سبتمبر/أيلول الحالي في مجلة علم النفس التجريبي، حيث بدأ فريق البحث بطرح سؤال قديم: هل من الأفضل اتخاذ القرارات بحماسة بعد تكوين انطباع أولي، أم تأجيل الحكم؟

بيع مرآب خيالي كوسيلة للاختبار

للإجابة على هذا السؤال، قام الباحثون بدراسة تضمنت بيع مرآب خيالي. في سلسلة من التجارب عبر الإنترنت، طُلب من المشاركين استعراض صناديق افتراضية تحتوي على أغراض غير مرغوب فيها، واختيار الصناديق التي يرغبون في بيعها من مرآبهم الخيالي.

احتوت معظم الصناديق على أشياء ذات قيمة بسيطة، مثل ساعة منبه قديمة أو نبات مزروع، ولكن تضمنت أيضًا عناصر ذات قيمة أكبر، مثل مصباح جميل أو دمية دب. حصل المشاركون على نقود حقيقية بناءً على الصناديق التي اختاروها، مما دفعهم لمحاولة تحديد الصناديق الأكثر قيمة.

تظهر الحكمة التقليدية أن الانطباعات الأولى تترك تأثيرًا كبيرًا، وهناك أدلة علمية تدعم صعوبة تغيير الأحكام السريعة الأولية، حتى عندما تكون غير دقيقة.

نتائج التجربة ودلالاتها

لم يكن المشاركون يعلمون أن القيمة الإجمالية للعناصر في كل صندوق كانت متساوية، بل كانت الفروق تكمن في ترتيب العناصر الأقل أهمية مقارنة بالعناصر “الثمينة”. في بعض الصناديق، كانت العناصر القيمة في الأعلى، مما جعل المشاركين يرونها أولاً، بينما كانت في صناديق أخرى موجودة في الوسط أو الأسفل.

بعد فتح الصناديق، طُلب من المشاركين تقدير قيمتها واختيار المفضل لديهم. قام بعض المشاركين باتخاذ القرار على الفور، بينما انتظر الآخرون حتى اليوم التالي.

ظهر نمط واضح: عندما اتخذ المشاركون قرارات فورية، كانوا يميلون إلى تقييم الصناديق بناءً على العناصر الأولى التي شاهدوها. وفقًا للباحثة الرئيسية ألي سينكلير، التي أجرت البحث كجزء من دراستها لنيل درجة الدكتوراه في مختبر الدكتورة أليسون أدكوك، “وجدنا أن الناس يتأثرون بشدة بالانطباعات الأولى”.

في معظم الحالات، اختار المشاركون الصناديق التي كانت العناصر القيمة في أعلاها، واعتبروا هذه الصناديق أكثر قيمة بنسبة 10% من قيمتها الفعلية.

تحيز الانطباع الأولي وتأثير النوم

تُظهر هذه النتائج ظاهرة نفسية تعرف باسم التحيز الأولي، حيث يتأثر تشكيل الآراء بشكل مفرط بالمعلومات الأولى التي تُعرض علينا، حتى عند ظهور حقائق جديدة. في تجربة بيع المرآب، منع هذا التحيز المشاركين من مقارنة الصناديق بشكل عقلاني، وجعلهم يعتقدون أن بعض الصناديق أكثر قيمة مما هي عليه بالفعل.

ومع ذلك، كان المشاركون الذين اتخذوا قرارهم في اليوم التالي أقل عرضة للوقوع في هذا الفخ، حيث اتخذوا قرارات أكثر عقلانية وفضلوا الصناديق التي تحتوي على عناصر قيمة بغض النظر عن ترتيبها.

تقول سينكلير: “لقد اتخذوا قرارات أكثر توازنًا، وفضلوا بالتساوي الصناديق التي تحتوي على العناصر القيمة في البداية أو الوسط أو النهاية”.

بينما تشير أدكوك إلى أنه قد يكون من المفيد اتخاذ قرارات سريعة في بعض المواقف القصيرة الأمد، مثل مشاهدة بداية فيلم أو تصفح صفحات كتاب، إلا أنه في حالات طويلة الأمد، مثل العودة إلى مطعم أو اتخاذ قرارات توظيف، فإن تأجيل الحكم أو “النوم على الأمر” يمكن أن يكون له فوائد كبيرة.

تشير هذه الدراسة إلى أن الدماغ ينظم التجارب الممتعة ويخزنها في الذاكرة أثناء النوم، مما يساعدنا على اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى