دور الجينات والآليات العصبية في فهم السمنة: آفاق جديدة لعلاج فعال
السمنة: حالة معقدة نتيجة عوامل وراثية وبيئية وسلوكية
السمنة هي حالة صحية معقدة تنتج عن تداخل عوامل وراثية وبيئية وسلوكية وأخرى متعددة. عبر آلاف السنين، كان تأمين الغذاء الكافي للبقاء على قيد الحياة تحديًا كبيرًا. أما الآن، فأصبح الحصول على الطعام سهلاً للغاية بالنسبة لمعظم الناس، حتى بفتح باب الثلاجة.
آلية السمنة: تناول الكثير من الطعام وحرق قليل من الطاقة
السمنة تنتج عن توازن متعارض بين تناول الطعام وصرف الطاقة. إذا أكلت كثيرًا تكتسب الدهون، وإذا صرفت طاقة قليلة تتراكم الدهون.
دور جين “إس إتش 2 بي 1” في تنظيم تناول الطعام
دراسة نُشرت في مجلة أدفانس ساينس في 17 يوليو/تموز الحالي أثبتت أن جينًا يسمى “إس إتش 2 بي 1” يلعب دورًا مهمًا في تنظيم تناول الطعام. طفرات هذا الجين ترتبط بالسمنة ومرض السكري من النوع الثاني وأمراض الكبد الدهنية المرتبطة بالاختلال الأيضي.
الدكتور ليانغيو روي من قسم الفسيولوجيا الجزيئية والتكاملية ومعهد إليزابيث وايزر كاسويل للسكري في كلية الطب بجامعة ميتشجن، يوضح أن هذا الجين يتحكم في تناول الطعام وإنفاق الطاقة. حدد روي وفريقه مكان عمل هذا الجين في الدماغ، في منطقة تسمى “المهاد الجانبي الحوفي”، المسؤولة عن تنظيم ضغط الدم وتوازن السوائل.
دور الخلايا العصبية في السمنة
اكتشف الفريق أن الخلايا العصبية التي تعبر عن جين “إس إتش 2 بي 1” تتواصل مع الخلايا العصبية في منطقة تعرف بالنواة الظهرية الحافية الموجودة في جذع الدماغ. هذه المنطقة تشارك في توازن الطاقة والحفاظ على وزن الجسم والسلوك المحفز بالعاطفة. تحفيز هذه الدائرة العصبية يقمع الشهية في الفئران، في حين أن إسكات الخلايا العصبية المعبرة عن “إس إتش 2 بي 1” يؤدي إلى السمنة.
الآلية الجزيئية لجين “إس إتش 2 بي 1”
اكتشف الفريق الآلية الجزيئية وراء كيفية مساعدة جين “إس إتش 2 بي 1” في الحفاظ على الوزن. يعزز هذا الجين إشارات “بي دي إن إف/ تي آر كي بي” التي تدعم نمو الدماغ أثناء التطور وتحافظ على صحته في الدماغ الناضج. عندما تتعطل هذه الإشارات، تتطور السمنة والأمراض الأيضية.
دور الالتهاب
النظرية التي يشير إليها روي هي أن الالتهاب المرتبط بزيادة الوزن يمكن أن يؤثر سلبًا في هذا المسار بشكل غير مباشر، مما يضعف الإشارات للتوقف عن الأكل.
المستقبل الواعد للعلاج
حتى الآن، لم تُحدد أي آثار جانبية لتعزيز بروتين “إس إتش 2 بي 1″، على عكس الأدوية الشائعة مثل أوزمبيك أو مونجارو التي تنشط ناهضات جي إل بي 1. يقول روي: “إذا تمكنا من العثور على طريقة لتعزيز نشاط إس إتش 2 بي 1، فإن ذلك يعد بفتح آفاق جديدة لعلاج السمنة والأمراض ذات الصلة بها”.