روبوتات الدردشة والذكاء الاصطناعي: فوائد ومخاطر تهدد الأمن العام والانتخابات
شهدت نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوي، مثل “شات جي بي تي”، انتشارًا واسعًا وسريعًا في مختلف جوانب الحياة اليومية، متفوقةً على تقنيات حديثة أخرى مثل “فيسبوك” و”إنستغرام”. ورغم ما تقدمه هذه التقنيات من مزايا، إلا أنها تحمل تهديدات حقيقية للأمن العام ولعمليات انتخابية حساسة مثل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في عام 2024.
التأثير غير المباشر للذكاء الاصطناعي
قد يبدو أن روبوتات الدردشة مثل “شات جي بي تي” قادرة على التأثير المباشر في آراء الناخبين، إلا أن التأثير غالبًا ما يكون غير مباشر. تُستخدم هذه النماذج لتوليد محتوى نصي وصوتي وفيديوهات تحاكي الأسلوب المحلي للمجتمعات المستهدفة، ما يجعلها تبدو وكأنها محتوى بشري حقيقي.
ميزة التخصيص هذه تقلل الحاجة إلى أفراد محليين لتوليد المحتوى المضلل، إذ يمكن لهذه النماذج إنتاج كميات هائلة من المحتوى بسرعة وفعالية، مما يجعلها أداة مثالية لنشر الشائعات عبر محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي.
عملية “عاصفة-2035” كمثال
أثبتت عملية “عاصفة-2035″، التي نفذتها مجموعة إيرانية، كيفية استغلال “شات جي بي تي” لتوليد محتوى مضلل يستهدف الجاليات اللاتينية في الولايات المتحدة. تمثلت العملية في تغذية الروبوت بمعلومات مضللة ليعيد صياغتها بشكل مقنع ومخصص، قبل نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ورغم إعلان شركة “أوبن إيه آي” عن حظر الحسابات المشاركة في العملية، إلا أن هذا لا يضمن منع جميع الجهات المماثلة من الاستفادة من مثل هذه التقنيات، خاصة إذا نجحت في تفادي الرقابة.
تخصيص المحتوى المضلل
ما يجعل روبوتات الدردشة أكثر خطورة هو قدرتها على تخصيص المحتوى لاستهداف شرائح محددة بدقة. يمكن، على سبيل المثال، توجيه رسائل مضللة تستهدف نساءً تجاوزن الخمسين عامًا ويعشن في مناطق جنوبية ويهتمن بنظريات المؤامرة. هذه القدرة تجعل المحتوى أكثر تأثيرًا وانتشارًا مقارنة بالمحتوى العشوائي.
الذكاء الاصطناعي كأداة للتأثير الانتخابي
لا تقتصر المخاطر على توليد المحتوى المضلل، بل تشمل أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والتنبؤ بنتائج الانتخابات. أشارت دراسة من جامعة “كورنيل” إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تقديم توقعات دقيقة لنتائج الانتخابات، ما يتيح للأطراف المعنية تصميم حملات تستهدف تغيير النتائج المتوقعة.
بناء روبوتات دردشة مضللة
رغم صعوبة اختراق نماذج معروفة مثل “شات جي بي تي” أو “جيميناي”، إلا أن بناء روبوتات دردشة جديدة من الصفر يمثل تهديدًا أشد خطورة. قد يتم تطوير روبوتات تروج لمعلومات مضللة قبل الانتخابات بفترة كافية لتكسب ثقة المستخدمين وتنتشر على نطاق واسع.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في العمليات الانتخابية
بينما تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي حلولًا مبتكرة، فإنها تفرض أيضًا تحديات جسيمة تتطلب تنظيمًا ورقابة صارمة. ومع اقتراب الانتخابات الأميركية، ستظل مسألة استغلال هذه التقنيات في التضليل قضية محورية، تستدعي استعدادات شاملة لمنع تأثيرها السلبي على الرأي العام.