الأخبار العالمية

زلزال سياسي في فرنسا بعد اقتراب اليمين المتطرف من الحكم

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الناخبين في بلاده إلى تشكيل تحالف واسع لمواجهة التطرف، فيما دعا رئيس الوزراء غابرييل أتال إلى منع اليمين المتطرف من السيطرة على البرلمان بعد تصدره الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، واقترابه من الوصول إلى الحكومة لأول مرة في تاريخ البلاد، التي شهدت مظاهرات احتجاجية على صعوده.

قال ماكرون في بيان وزع على وسائل الإعلام مساء أمس الأحد: “في مواجهة التجمع الوطني، حان الوقت لتحالف واسع يكون ديمقراطيًا وجمهوريًا بوضوح في الدورة الثانية”. وأشاد ماكرون بالإقبال الكبير في الدورة الأولى من الانتخابات، معتبرًا أنها “تُظهر أهمية هذا الاقتراع لجميع المواطنين وإرادة توضيح الوضع السياسي”، مضيفًا أن “اختيارهم الديمقراطي يلزمنا”.

وبحسب النتائج الأولية، تصدر حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية بحصوله على 33% من الأصوات، متبوعًا بالجبهة الشعبية الجديدة الممثلة لتيار اليسار بحصولها على 28%، بينما حصل معسكر ماكرون على 22%.

من جانبه، ناشد رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال الناخبين “عدم إعطاء اليمين المتطرف أي صوت في الجولة الثانية من الانتخابات العامة” المقررة الأحد المقبل. وقال أتال: “اليمين المتطرف على أبواب السلطة، وقد يحقق غالبية مطلقة. هدفنا واضح: منع حزب التجمع الوطني من الفوز في الجولة الثانية”.

أما زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، فقد أكدت أن “معسكر ماكرون تم محوه عمليًا”، معلنة إعادة انتخابها من الدورة الأولى في دائرتها با دو كاليه بشمال البلاد. ورفض حزب الجمهوريين (يمين محافظ) الذي حصل على نحو 10% من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية، دعوة ناخبيه إلى التصويت ضد التجمع الوطني اليميني المتطرف في الدورة الثانية. وقالت قيادة الحزب في بيان: “حيث لن نكون موجودين في الدورة الثانية، وبالنظر إلى أن الناخبين أحرار في خيارهم، لن نصدر تعليمات وطنية، وسنترك الفرنسيين يعبرون استنادًا إلى ضمائرهم”.

وفي معسكر اليسار، أعلن المدافعون عن البيئة والاشتراكيون والشيوعيون أنهم سينسحبون إذا كان هناك مرشح آخر في موقع أفضل للحؤول دون فوز التجمع الوطني. كما أعلن رئيس كتلة اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون انسحاب مرشحي اليسار الذين احتلوا المركز الثالث أمس.

وفي ردود الفعل الشعبية، خرج آلاف الأشخاص في فرنسا إلى الشوارع أمس للتظاهر ضد صعود اليمين المتطرف في أعقاب الأداء القوي لحزب التجمع الوطني في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية. واحتشد الناس في باريس والعديد من المدن الأخرى للاحتجاج ضد حزب مارين لوبان والتحول نحو اليمين في فرنسا. وشهدت ساحة الجمهورية بالعاصمة تجمعًا احتجاجيًا حاشدًا بعد دعوة للتظاهر من قبل التحالف اليساري الجديد، وشارك في الاحتجاج أيضًا سياسيون يساريون بارزون.

وفي حال بات رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا رئيسًا للوزراء، ستكون المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي تحكم فيها حكومة منبثقة من اليمين المتطرف فرنسا. لكن بارديلا أعلن أنه لن يقبل بهذا المنصب إلا إذا نال حزبه الغالبية المطلقة. وأشار بارديلا بعد صدور أولى التقديرات إلى أنه يريد أن يكون “رئيسًا للوزراء لجميع الفرنسيين”، مشددًا على أن “الشعب الفرنسي أصدر حكمًا واضحًا”.

وسيفضي الأمر إلى تعايش غير مسبوق بين ماكرون، الرئيس الحامل للمشروع الأوروبي، وحكومة أكثر عداءً للاتحاد الأوروبي، مما سيضعف سلطة الرئيس ويجعل السياسة الوطنية في يد رئيس الحكومة أكثر منها في يد رئيس الدولة في أغلب الملفات، بحسب المراقبين.

والسيناريو الثاني الممكن هو جمعية وطنية متعثرة دون إمكانية نسج تحالفات في ظل استقطاب كبير بين الأطراف، مما يهدد بإغراق فرنسا في المجهول.

زر الذهاب إلى الأعلى