شاشات لمس إلكترونية مضادة للميكروبات حلول واعدة
في السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام بقابلية أسطح شاشات اللمس الشخصية أو متعددة المستخدمين، مثل الأجهزة المحمولة والأجهزة اللوحية، لإيواء الكائنات الحية الدقيقة الضارة. ونتيجة لذلك، زاد الطلب على وسائل تطهير فعالة لهذه الشاشات، تختلف عن طرق التطهير التقليدية مثل الكحول القابل للرش أو المناديل المبللة، التي تعتبر غير عملية.
تُعد الطلاءات التي تحتوي على مواد مضادة للميكروبات، يُطلى بها الزجاج، حلاً واعداً، بشرط أن تكون شفافة للسماح بمرور الضوء ومقاومة للتآكل لتبقى لفترة طويلة دون أن تتأثر بكثرة الاستخدام.
ومع أن المواد المضادة للميكروبات المقترحة سابقاً، مثل أكاسيد المعادن المحفزة ضوئياً كأكسيد التيتانيوم وأكسيد الزنك، فعالة في إنتاج أيونات الأكسجين القاتلة للجراثيم عند تفاعلها مع الرطوبة والضوء، فإنها تعتمد على توفر الضوء والرطوبة لتكون فعالة.
يعتبر النحاس المعدني من أقوى المواد المضادة للميكروبات، ويستخدم بشكل شائع في صناعة أو طلاء مقابض الأبواب وحواجز أسرّة المستشفيات. ولكن استخدام النحاس كطلاء مباشر لشاشات اللمس يؤدي إلى فقدانها شفافيتها البصرية، كما أن توصيله الكهربائي العالي يمكن أن يؤثر سلباً على وظيفة استشعار اللمس في الأجهزة المحمولة.
في دراسة حديثة أجرتها مجموعة من الباحثين من شركة كورنينغ للأبحاث والتطوير ومعهد برشلونة للعلوم والتكنولوجيا، ونشرت في مجلة “نيتشر” في 18 مارس الماضي، صمم فريق من الباحثين سطحاً نحاسياً شفافاً ذا بنية نانوية مضادة لبعض الميكروبات وغير موصل كهربائياً.
تم الحصول على السطح النحاسي عن طريق ترسيب أغشية النحاس المعدنية فائقة الرقة على الزجاج، مما أسفر عن فعالية مضادة للميكروبات بنسبة أعلى من 99.9% ضد المكورات العنقودية الذهبية خلال ساعتين في ظروف اختبار جافة صارمة.
وأظهرت هذه الأسطح شفافية تسمح بنفاذ الضوء بنسبة تتراوح بين 70 و80% في نطاق الضوء المرئي (380-750 نانومتراً)، بالإضافة إلى حيادية اللون وعدم حدوث أي تأثير لوني مشتت. كما حافظت على متانتها وخصائصها البصرية والمضادة للميكروبات بعد تعريضها لاختبارات التعرض للتآكل.
لتصنيع هذا السطح المضاد للميكروبات، قام الباحثون بترسيب طبقة نحاسية رقيقة جداً بسمك 3.5 نانومتر على ركيزة زجاجية، ثم استخدموا عملية التلدين الحراري السريع لتكوين جسيمات النحاس النانوية المبللة بالحجم والتوزيع الأمثل. وأخيراً، رسبوا طبقات إضافية من ثاني أكسيد السيليكون والفلوروسيلانات لتعزيز متانة الطلاء وحمايته من الأكسدة البيئية والعوامل الكيميائية دون التأثير على الشفافية.
يعتمد النشاط المضاد للميكروبات في الأسطح التي تحتوي على النحاس على قدرتها على إطلاق أيونات النحاس الحر عن طريق عمليات التآكل المائي، مما يؤدي إلى تأثيرات سامة على الخلايا الميكروبية من خلال المشاركة في تفاعلات الأكسدة والاختزال. كما أن الجسيمات النانوية تتسرب إلى داخل الخلايا الميكروبية، مما يؤدي إلى إنتاج مركبات سامة مثل بيروكسيد الهيدروجين والأكسيد الفائق.
بفضل فعالية هذه الأسطح الشفافة ذات البنية النانوية في القضاء على الميكروبات، ونقل الضوء بنسبة كبيرة، وسهولة تنظيفها، واحتفاظها بمتانتها مع الزمن، بالإضافة إلى طريقة تصنيعها القابلة للتطوير صناعياً، فإنها تعتبر مفيدة في التطبيقات التكنولوجية مثل الأسطح الشفافة التي تعمل باللمس للأجهزة الشخصية أو متعددة المستخدمين.
يقول “برانتيك مازومدير”، الباحث في شركة كورنينغ وأحد المشاركين في الدراسة: “على الرغم من أن المزيد من التطوير ضروري قبل الاستخدام التجاري الكامل، فإن هذا العمل خطوة في الاتجاه الصحيح لتصنيع شاشات لمس مضادة للميكروبات”.