شهادة مؤيد الحسن: معاناة 11 عامًا في سجون الأسد ونجاته من حكم الإعدام


مُمسكًا بقرار إعدامه، يروي المعتقل السوري السابق مؤيد الحسن، ما عاشه من معاناة داخل سجون نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، حيث تعرض لتعذيب شديد لمدة 11 عامًا، انتهت بحكم بالإعدام كاد أن يلقى حتفه بموجبه، إلا أنه نجا منه بعد دفع عائلته 100 ألف دولار.
الحسن (47 عامًا) يقيم حاليًا في ضاحية درعا جنوبي سوريا، بينما ينحدر أصله من قرية أجديّة في مرتفعات الجولان السوري المحتل من قبل إسرائيل منذ حرب يونيو/حزيران 1967. هُجّر مع عائلته من مخيم النازحين في درعا إلى الضاحية جراء استهداف النظام للمنطقة في بداية الثورة السورية في مارس/آذار 2011.
زارت وكالة الأناضول الحسن في مكان نزوحه واستمعوا لشهادته، كما شارك شقيقه ثائر في الحديث عن معاناة العائلة جراء غياب مؤيد طوال تلك السنوات في سجون بشار الأسد (2000 – 2024).
وعن معاناته في سجون النظام، قال الحسن وهو يحمل في ملامحه الحسرة على السنوات الضائعة، إن اعتقاله كان في 9 يوليو/تموز 2011 من المنطقة الصناعية في درعا، وأمضى أكثر من نصف مدة سجنه في سجن صيدنايا سيئ السمعة. وفق تقارير دولية، قُتل آلاف المعتقلين في هذا السجن على يد النظام المخلوع، حيث كانت تتم الإعدامات بشكل دوري دون محاكمات، بمعدل 50 حالة إعدام أسبوعيًا بين عامي 2011 و2015.
مع تقدم فصائل الثورة السورية وسيطرة المعارضة على المدن، وهروب بشار الأسد في ديسمبر 2024، فتحت السجون والمعتقلات وتم الإفراج عن المعتقلين، لكن العديد منهم لا يزالون في عداد المفقودين، مما يثير القلق بشأن مصيرهم في ظل اكتشاف مقابر جماعية في مختلف المدن.
“17 يومًا عاريا”
الحسن يروي كيف تعرض في بداية اعتقاله للضرب المبرح الذي أسفر عن كسور في يده وأسنانه، كما تم تعذيبه بالصعق بالكهرباء في مناطق حساسة من جسده، مما أدى إلى مشكلات صحية خطيرة. وأشار إلى أنه عانى أيضًا من جروح في جسده بسبب كثافة الازدحام في الزنزانات، حيث تعفنت أجساد المعتقلين، مما أدى إلى انتشار الجرب.
وأشار الحسن إلى أنه لم يستحم سوى ثلاث مرات طوال 11 عامًا من اعتقاله، وتعرض أيضًا لمعاملة قاسية من الطبيب الذي كان يسخر من المعتقلين بدلاً من مساعدتهم.
وفيما يتعلق بالطعام، قال إن الوجبة الوحيدة التي كانت تُقدم لهم كانت ربع رغيف من الخبز مع ثلاث حبات زيتون وملعقة أرز، وهي وجبة لا تساوي شيئًا أمام الجوع المفرط.
“كلمة واحدة أنقذتني من الإعدام”
أثناء المقابلة الصحفية، أخرج الحسن ورقة من جيبه وأوضح أنها قرار إعدامه الموقّع من النائب العسكري محمد كنجو حسن، بتهمة “القيام بأعمال إرهابية”. وأوضح أن عائلته دفعت 100 ألف دولار لتغيير صيغة التهمة من الماضي إلى المضارع، وهو ما أدى إلى تخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن المؤبد.
وشرح الحسن قائلًا: “تم تغيير كلمة واحدة في نص التهمة، من ‘أفضت’ إلى ‘تُفضي’، وهو ما سمح بتخفيف الحكم.”
مُعاناة البُعد
حول عائلته، أشار الحسن إلى أنه لم يرَ ابنه الأكبر محمد منذ 11 عامًا، حيث كان الأخير قد هاجر إلى ألمانيا أثناء فترة اعتقاله. كما أضاف أنه خرج من السجن في مايو 2022، وكان وزنه لا يتجاوز 36 كيلوغرامًا. وأشار إلى أن التعذيب كان يترك أثره عليه حتى اليوم، حيث لا تزال تعاوده كوابيس مروعة تتعلق بتلك الأيام القاسية.
تحدث الحسن عن الزنزانة (ب)، التي أمضاها فيها 9 أشهر من التعذيب الجسدي والنفسي، حيث تعرض لأبشع أنواع التعذيب، بما في ذلك الشبح والتكسير والصعق بالكهرباء.
مجزرة الإعدام
وشهد الحسن العديد من عمليات الإعدام تحت التعذيب أو الشنق في سجون النظام، وذكر أسماء بعض المعتقلين الذين شهد وفاتهم، مثل عيسى أبو عمشة وطلال الجواسم، بالإضافة إلى حسين هرموش، الضابط المنشق عن جيش الأسد، الذي أُعدم شنقًا في سجن صيدنايا.